بسم الله الرحمن الرحيم

أسباب تخلف المسلمين.

فضيلة الشيخ ناصر ابن سليمان العُمر

…………………………………..

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا

من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم، ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ).

أما بعد أيها الأخوة:

نقلب صفحات الماضي المجيد ونجد أن القرآن يتحدث عن هذه الأمة فيقول:

(كنتم خير أمة أخرجت للناس).

ننظر إلى واقعنا وننظر إلى ماضينا ونجد البون الشاسع والفرق الهائل.

ننظر كيف كانت هذه الأمة التي هابتها الفرس والروم ثم كيف أصبحت غثاء كغثاء السيل لا يأبه الله بهم في أي واد هلكوا.

أيها الأحباب:

بعد أن كنا سادة وقادة، ماذا دهانا وماذا أصابنا ؟ هذا هو موضوعنا أيها الأحباب

ويذكرنا الشاعر ويثير كوامن الحسرة والأسى عندما يقول في أبياته:

إني تذكرت والذكرى مؤرقة ……. مجدا تلدا بأيدينا أضعناه

أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد……تجده كاطير مقصوصا جناحاه

كم صرفتنا يد كنا نصرفها……….وبات يملكنا شعب ملكناه

أيها الأخوة الكرام لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه من التخلف والتأخر ولانحطاط وفي مؤخرة الركب، بل لا أقول في مؤخرة الركب، بل تبرأ منا الركب جميعا؟

لا أقول هذا مبالغة ولكنها حقائق تنطق أيها الأحباب، نشاهدها في الصباح والمساء.

من هذا المنطلق، وأخذا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:

(من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم).

جلسنا نلتمس الأسباب، ونبحث عن العلل علنا نصل إلى الداء ثم نشخص الدواء بعد ذاك

والله المستعان وعليه التكلان.

من أبرز الأسباب التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه – أيها الأحباب- :

سقوط الخلافة ألإسلامية.

منذ بزغ فجر هذه الرسالة والخلافة قائمة يتناقلها خليفة عن خليفة وجيل عن جيل، وأمة عن أمة، وأدرك العدو أنه لن تموت هذه الأمة مادام لها أمير للمؤمنين فسلطوا سهامهم وشرعوا أسلحتهم  وحاكوا المؤامرات تلو المؤامرات  حتى أسقطوا هذه الخلافة.

ويخف الألم لو كان الداء سقط بأيدي  أعدائنا، ولكن مع الأسف أن بعض المسلمين هم الذين ساعدوا أعدائنا على سقوط الخلافة.

استطاعت أوربا ممثلة ببريطانيا أن تصور أن الخلافة شبح رهيب

صورت لنا أن الخلافة شبح رهيب، وسموه بالرجل المريض وأثاروا النعرات والقبليات

ثم بعد ذلك ساعدهم كثير من المسلمين حتى اعتبروا أن عدوهم الأول هي الدولة العثمانية أو الخلافة الإسلامية حتى أسقطوها.

هذا سبب رئيسي بأسباب تخلف وتأخر المسلمين.

ثم –أيها الأخوة- من الأسباب التي أدت بنا إلى ما نحن فيه من:

فصل الدين عن الدولة.

فصل الدين عن الدولة سبب رئيسي للمآسي التي نعيشها، لما ؟

لأنه –أيها الأخوة- لا يمكن أن يُحكم البشر إلا بشريعة رب البشر، فإذا أبعدت هذه الشريعة عن الساحة حُكم البشر بسنن البشر، والبشر عاجز وقاصر، وبهذا حل فينا ما حل فينا.

ويزداد ألمي عندما أجد أن كثيرا من المنتسبين للإسلام، والإسلام منهم براء أشد اقتناعا بفصل الدين عن الدولة أي بالعلمنة بمفهومها الصحيح.

في هذه الفترة وفي هذا الوقت يرفع الرئيس الأمريكي بانتخاباته للرآسة الأمريكية، يرفع الإنجيل أمام جمهوره ويقول:

(آن الأوان لأن نُحكم بالإنجيل، آن الأوان لعودة حُكم الدين للدولة).

هكذا يقول رجل على منهج منحرف، يقر ويعترف بأن فصل الدين عن الدولة جنى على أمته الويلات، والمسلمون يقولون:

دع ما لله  للهِ  وما لقيصر ليقصر، ونقول لهم الكل لله –سبحانه وتعالى-

(الملك يومئذ لله).

نعم –أيها الأخوان- فصل الدين عن الدولة مخطط رهيب لأن أولئك الأعداء علموا أن القرآن هو عدوهم الأول، ولذا جندوا جنودهم لإبعاد القرآن عن حكم المسلمين وقد نجحوا وللأسف.

إذا هذا سبب رئيسي وهو فصل الدين عن الدولة، وكثير من المسلمين هداهم الله لا يعون ولا يدركون خطورة هذا الأمر وهو خطر داهم وشر قائم

والمسلمون الآن في مشارق الأرض ومغاربها-إلا من عصم الله- يُحكمون بقوانين الشرق والغرب، بقوانين اليهود والنصارى والوثنيين، ولكنهم لا يخضعون لحكم الله.

ومن تخلى عن حُكم الله تخلى الله عنه.

(أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض)

(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)

(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)

(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون)

ظالم فاسق كافر من لم يحكم بما أنزل الله.

الهزيمة النفسية أمام الأعداء.

وهذه القضية من اخطر ما أدى بنا إلى ما نحن فيه وهي قضية مهمة جدا.

يقول الأمير شكيب أرسلان:

(من أعظم أسباب انحطاط المسلمين في العصر الأخير فقدهم كل ثقة بأنفسهم وهو من أشد الأمراض الاجتماعية، وأخبث الآفات الروحية، لا يتسلط هذا الداء على أمة إلا ساقها إلى الفناء).

لا يتسلط هذا الداء وهو الهزيمة النفسية على أمة إلا ساقها إلى الفناء.

سُئل علي أبن أبي طالب رضي الله عنه، قيل له:

(أنك إذا هجمت على عدوك نجدك تكبر تكبيرة تنخلع منها القلوب، فما سر ذلك ؟

وهذا علي ابن أبي طالب وهو الشجاع المقدام كما تعلمون.

قال إنني أفعل ذلك لأنني أقدم على عدوي وأنا مقتنع بأنني سأقتله – أي عندي من الثقة بالله ثم بنفسي أنني سأقتله، وهو لديه ثقة بأنني سأقتله فأكون أنا ونفسه عليه).

يقول علي ابن أبي طالب فأكون أنا ونفسه عليه، وبهذا أهزمه ويسقط صريعا.

الهزيمة النفسية –أيها الأخوة- مرض خطير أشد فتكا من مرض السرطان، والمسلمون الآن أصيبوا بالهزيمة النفسية، وما دخل علينا الأعداء إلا بعدما أصبنا بالهزيمة النفسية.

أصبح لدى كثير من المسلمين قناعة بأنهم لن يهزموا عدوهم، كيف نهزم أوربا؟

كيف نهزم أمريكا؟

لديها من السلاح ولديها من العتاد، ولديها ولديها ولديها، فأصبحوا خير أبواق لأوربا وأمريكا ولروسيا ولغيرها من الشرق والغرب.

إذا من أولى أسباب الهزيمة التي وصلنا إليها وتخلف المسلمين هي الهزيمة النفسية التي حلت بنا، والهزيمة النفسية مرض فتاك حكى الله ذك في سورة الحشر:

(فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب)

وقد جعل الله من خصائص هذه الأمة  كما بين المصطفى صلى الله عليه وسلم أنها تُنصر بالرعب مسيرة شهر، إذاً، إذا أحس العدو بالرعب فهذا أولى علامات السقوط.

ومن الأسباب التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه:

الجهل وتخلف المسلمين في العلوم الإسلامية والعلوم المادية.

المسلمون أو كثير من المسلمين جهلة في دينهم جهلة في دنياهم ، وهذا سبب أساسي ورئيسي للمرض الذي  نعيش فيه، ولداء الذي وصلنا إليه.

إذا –أيها الأحباب- الجهل الذي أصابنا، والجهل الذي حل بأمتنا أودى بنا إلى ما نعيشه الآن، ونتجرع كؤوس الذل والهوان اتجاه ذلك و تبعا لذلك.

ومن الأسباب التي أوصلت المسلمين إلى ما وصلوا إليه:

الإعجاب بالغرب واعتباره القدوة الصالحة.

نعم –أيها الأخوة- سأحاول أن أضع النقاط على الحروف، الإعجاب بالغرب إعجاب يبينه البعض ويبيته البعض الآخر، حتى وصل الإعجاب بالغرب أن يكون الذهاب إلى بلادهم أمنية يتمناها كثير من المسلمين، فيفتخر أنه زار أمريكا، أو زار أوربا أو زار الشرق أو الغرب.

لما يفتخر ؟

هذه هزيمة نفسية قاتلة، وإعجاب بالغرب وبما عنده، وكذلك يعتبره هو القدوة الصالحة في هذا المجال.

اعتبارنا للغرب بأنه هو القدوة أوصل المسلمين إلى ما وصلوا إليه.

كثير من المسلمين يبحثون عن العلم، يقولون في أوربا وأمريكا، لا أقول العلم الذي لا يجدونه في بلادهم، بل بعضهم ذهب ليدرس الشريعة الإسلامية في بريطانيا.

نعم وهذا موجود –أيها الأخوة- يشعر بمركب نقص إذا قال أنني أحمل شهادة من بلد إسلامي، ولكنه يرفع رأسه عاليا إذا حمل شهادة من أوربا أو أمريكا.

لما، ما السبب وما السر –أيها الأحباب- ؟

وهذه لن أقف أمامها طويلا لأنها جلية واضحة، إعجاب كثير من المسلمين بالغرب والسير في ركابهم، واعتبارهم القدوة الصالحة أوصلهم إلى ما أوصلهم.

ويكفي أننا وصلنا من الهوان والضعف إلى أنه إن تبرع نصراني فاسق كافر من الغرب بتوقيعه لأحدنا أعتبرها كنز لا يفنى.

والله مهزلة ما بعدها مهزلة، ومأساة ما بعدها مأساة أن يتسابق الناس لكافر نصراني أو يهودي  من أجل أن يوقع له على ورقة معه ويعتبر هذا أهم من مخطوطات وكنوز المسلمين جميعا.

نعم –أيها الأحباب- إعجابنا بالغرب، أو إعجاب كثير منا بالغرب أوصلنا إلى ما وصلنا إليه، حتى أننا رأينا من صور الإعجاب أنه إذا اشتهر رجل منهم بأحد أوجه الفساد كالغناء أو الرقص أو لعب الكرة أو نحوها وجدنا من يقلده بعد ساعات.

في العام الماضي كان هناك مكان ما يتسابق فيه الشباب، من أجل ماذا ؟

أيهم يستطيع أن يقلد رقصة  (مايكل جاكسون).

ويسأل أحد شباب المسلمين من هو مثلك الأعلى ؟

ويجب أن يكون مثله الأعلى  هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولكن اسمعوا ماذا قال:

قال إن مثلي الأعلى هو لاعب الكرة (ماردونا).

نعم هذه  حقائق تنطق بين أظهرنا وبين جنباتنا، هذا إعجاب في الغرب أوصلنا إلى ما وصلنا إليه، أعتبرهم الكثير أنهم هم القدوة الصالحة.

حتى أن البعض يخجل أن يلبس لباسه العادي إذا خرج إلى أوربا، قد يكون البعض لا يلبس لباسه خوفا أو للأمن أو غيره وهذا قد يعذر، ولكن كثيرا منهم لا، إنما هو من باب الإعجاب.

ولذلك تجده لا يلبس أي لباس، ولو كان القصد الخوف أو الاحتياط للأمن للبس أي لباس يخالف زيّه أو شكله، ولكنه يبحث عن افضل ما أخرجت الموضات الفرنسية أو الموضات الأوربية. إعجاب وتقليد.

كذلك من الأسباب – أيها الأخوة –  التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه:

الإفساد بأسم الإصلاح والتطور.

وذلك تضليل للأمة وهذا ما يحكيه سبحانه وتعالى عن المنافقين ويقول عنهم:

(وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون).

بأسم الإصلاح –أيها الأخوة- انتزعت أهم خصائص مؤسسات الأمة الإسلامية.

الأزهر بعراقته وبجدارته وبقوته بأسم الإصلاح وبأسم التطوير وبأسم التطور ضاع الأزهر إلا ما شاء الله.

بأسم الإصلاح وبأسم التطور ضاعت الجامعة الزيتونية وهي من أعرق الجامعات الإسلامية والركب يسير على هذا المنوال وعلى هذا الأمر.

بأسم التطور، بأسم الحضارة، بأسم المدنية تنتهك حرمات الله سبحانه وتعالى.

ويضرب بأمر الله عرض الحائط  بأسم الإصلاح والتطور واللحاق بالركب، وبئس الركب.

نجد أيضا أن من الأسباب أيضا:

اجتماع كلمة الأعداء علينا مع تفرقهم وتشتتهم.

(تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى). ولكنهم يجتمعون علينا.

الخلاف بين روسيا وأمريكا عريق قديم وسيظل طالما استمروا على وضعهم وعلى مبادئهم، ولكنهم يتفقون على ما يكون ضد المسلمين، هذه قضية لا يناقشون فيها أبدا.

ونحن نختلف في كل شيء إلا في الولاء لأمريكا وأوربا وروسيا إلا من عصم الله. هذا يلجئ إلى ذاك، وهذا يلجئ إلى ذاك إلا من عصم الله.

إذا قضية اجتماع كلمة الأعداء مع تفرقهم واختلاف مصالحهم، يختلفون ويتقاتلون ويتناحرون إلا في شيء واحد ما يخص المسلمين فهم يتفقون على ما يهيننا ويذلنا وينزع الكلمة من بيننا.

من الأسباب: الجهود التي بذلها المستشرقون والمستغربون أيضا.

المستشرقون أمرهم معروف ولكن من هم المستغربون –أيها الأخوة- ؟

المستغربون هم الذين ذهبوا إلى أوربا وتعلموا في أوربا وأمريكا وغيرها، وجاءوا ليبثوا ولينشروا بيننا ما تعلموه هناك كُمثل لا تقبل النقاش ولا الجدل.

يرجع أمثال طه حسين ويقول:

(علينا أن نلحق بفرنسا بقضها وقضيضها حتى في شكل اللباس).

وهو زعيم المستغربين ولا شك وأمثاله كثير في السابق واللاحق، هؤلاء المستغربون بعد نالوا الشهادات العالية من هنا وهناك جاءوا إلى بلاد المسلمين واحتلوا فيها القيادة والمناصب والريادة وقادوا المسلمين إلى التأخر والتقهقر.

هؤلاء هم المستغربون –أيها الأحباب- وهم يعيشون بيننا ويتكلمون بلغتنا، بل إن بعضهم قد يدخل إلى مساجدنا، وولله أن هؤلاء أشد خطرا من المستشرقين.

نعم تجد أن أسمه محمد وقد يكون أبوه عبد الله، والله بريء منه، ورسوله برئ منه، وإن تسمى بهذا الاسم بأنه محمد وعبد لله، ولكنه حرب وعدو لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

هؤلاء هم المستغربون المفتونون بحضارة الغرب، وحينما أقول حضارة فكما سموها وإلا فيه بالحقيقة ليست بحضارة، يتنزه هذا المقام، وأنزه أسماعكم بأن أعطيها ما تستحق من وصف، ولكن في قلوبهم مرض فزادهم الله مرض.

هؤلاء هم من الأسباب الرئيسية التي أوصلتنا إلى الوضع الذي نعيشه –أيها الأحباب-

انتبهوا إلى هؤلاء، ضعوا أعينكم على هؤلاء وانظروا ماذا يفعلون بأمتنا وماذا يحيكون وماذا يتآمرون.

ونستمر مع الأسباب ونجد أن من الأسباب الرئيسية التي أوصلتنا إلى هذا الوضع:

ضعف القدوات لدى العلماء والقادة.

في السابق –أيها الأحباب- كان العلماء وكان القادة هم القدوة التي يقتدى بهم ولكن هذا الجانب ضعف في عصرنا الحاضر، فلم يعد كثير من العلماء أهلا لئن يقتدى بهم.

فقدوا مقومات القدوة، نعم فقدوا مقومات القدوة الصالحة، ولذلك وبسبب ضعف القدوة لدى هؤلاء اقتدى الناس بالمنحرفين.

(إذا انفصل العلماء عن الناس، حل بالأمة الهوان).

قد لا تدركون هذا في مثل هذا البلد، ولكني أدركته في بلاد أخرى –أيها الأحباب- ذهبت إلى بعض البلاد الإسلامية وحين تسألهم أين علمائكم ؟

ويا للأسف تجد أشباه علماء لا يقتدى بهم، بل هم يقودون الناس إلى جهنم والعياذ بالله. لماذا ؟

لأنك تجد هؤلاء قد يحملون شهادات عالية ولكنهم لا يلتزمون بشريعة الله وإن تسلموا المناصب بأسم العلماء، وبأسم التوجيه وتجد أن بعضهم وهم من المنتسبين إلى العلماء مفتون بالغرب.

وقد رأيت بعضهم يحارب سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

ويحارب سلف هذه الأمة ويريد أن يمسك بالعصا من الوسط.

إذا ضعف القدوة لدى العلماء، أو جانب القدوة لدى العلماء، بحث الناس عن القدوة فلم يجدوها فاقتدوا بالشرق وبالغرب وبمن هب ودب. هذا سبب رئيسي.

كذلك من الأسباب وهو سبب مؤلم:

خيانة بعض المسلمين لدينهم ولأمتهم.

نعم أصبحوا عملاء للشرق والغرب، عملاء لأعداء الله فخانوا الله وخانوا الرسول وخانوا أمانتهم وخانوا دينهم.

من السباب التي نراها:

نشوء العصبيات والقبليات.

العرب -أيها الأخوة- أمة مشتتة مفرقة، جاء الإسلام وهي هكذا، بما اجتمعت ؟

هل اجتمعت تحت لواء قريش ؟ لا.

هل اجتمعوا بأسم مكة أو الحجاز ؟ لا.

إنما جمعتهم ووحدتهم كلمة الإسلام، كلمة لا إلى إلا الله، ودان الشرق والغرب لهذه الكلمة بعد العصبيات وبعد التفرق.

في المدينة وهي قرية صغيرة كانت تسمى يثرب، الأوس والخزرج وكل واحد منهم كان يركن إلى أحد اليهود، وجاء الإسلام فقضى على هذه الأشياء.

و رأى العدو أن من افضل الوسائل التي تبعدنا عن منهجنا وعن ديننا أن ينشى فينا العصبيات، نسمع القومية العربية، القومية التركية، القومية الكردية.

بعد أن فرقوهم إلى قوميات ووجدوا أنهم يمكن أن يجتمعوا في ظل قومية واحدة، أي أنهم استطاعوا أن يفصلوا بين العربي والعجمي، بين العربي والتركي، بين العربي والهندي، بين العربي والأفريقي.

قالوا لا بل نفصلهم اشد من ذلك ولنمزقهم أشتاتا فجاءوا بالوطنية حتى تفرق الغرب أيضا إلى بلاد كل منهم ينتسب إلى وطنه.

ثم جاءوا بالإقليمية، أهل الوطن الواحد يتفرقون، هذا من وطن كذا وهذا من بلد كذا.

عصبيات وإقليميات وقوميات ووطنيات مزقوا فيها شمل أمتنا ونحن الذين نحمل اللواء مع كل أسف.

أو أقول كثير ممن ينتسبون إلى الإسلام هم الذين يحملون هذا الأمر.

فاتقوا اله وانتبهوا إلى هذا الأمر، وهو سر من أسرار الوضع الذي وصلنا إليه ولا زلنا أو لا زال كثير من المسلمين ينحدرون في هذا الطريق ولم يتوقفوا بعد حتى قال قائلهم فض فوه:

وطن لو شُغلت بالخلد عنه…نازعتني إليه بالخلد نفسي

فضل وطنه على الجنة، وبئس الرجل هو، ولن يكون الأول ولن يكون الأخير.

إذا قضية التفريق بأسم الوطنيات والقوميات والعصبيات من السباب الرئيسية التي أوصلتنا إلى هذا الوضع الذي نحن فيه.

وآخر ما أختم به هذه الأسباب:

الجبن والخوف وحب الدنيا وكراهية الموت.

هلع وخوف أدى بنا إلى ما نحن فيه.

هذه في ما أرى أبرز السباب التي أوصلت المسلمين إلى الوضع المتخلف والمتأخر الذي استطاع –وكما قلت لكم- أن يعبر عنه الشاعر عندما قال:

كم صرفتنا يد كنا نصرفها…وبات يملكنا شعب ملكناه.

…………………………………………………..

وأنتقل بعد ذلك إلى:

ما هي الآثار التي نتجت من تلقاء ذلك ؟

الآثار كثيرة و أوجزها اغتناما للوقت:

الأثر الأول: الانحراف الفكري.

ويتمثل هذا بالإلحاد وانتشار المذاهب الهدامة، وما كنا نرى انتشار المذاهب الهدامة المنحرفة من شيوعية وغيرها إلا في ظل هذا الوضع المتخلف الذي نعيش فيه، وهذا أثر من آثار الوضع القائم.

ثانيا: فساد بعض مناهج التعليم.

فساد بعض مناهج التعليم من آثار التخلف الفكري، وتختلف البلاد في ذلك من بلد إلى بلد بمستوى هذا الفساد، فبعضها لا يعترف بالشريعة الإسلامية أو بمناهج التربية الإسلامية إطلاقا.

وبعضها يضعها في منزلة كمناهج النصارى واليهود، وبعضهم يأخذ منها ويزدادون وينقصون على حسب اختلاف القائمين على الأمر.

إنما الانحراف في مناهج التعليم، وفساد بعض مناهج التعليم أثر من آثار التخلف الذي نحن فيه، وقلت لكم أن من ابرز القادة الذين حملوا لواء الانحراف الفكري طه حسين وأمثال طه حسين.

ثالثا: الخلل الاجتماعي.

والخلل الاجتماعي يتمثل في عدة صور، الأسرة وكل واحد منكم هو طبيب يجيب على نفسه، هل الأسرة الآن كما كانت قبل عشرين سنة أو ثلاثين سنة ؟

لا، أوضاع الأسرة مؤلمة الآن –أيها الأخوة-

العلاقة بين الزوج وزوجته.

العلاقة بين الابن وأبيه.

العلاقة بين الأخ وأخيه.

أوضاع الأسر الآن تعاني من مرض عضال.

 ولو ذهبنا إلى مراكز التربية الاجتماعية، ولو ذهبنا إلى المستشفيات، ولو ذهبنا إلى المحاكم لوجدنا كم تعاني الأسر من قلق ومن مرض.

وكذلك من اوجه الخلل الاجتماعي المرأة.

 استخدموا المرأة سلاحا فتاكا حتى أوصلوا نساء المسلمين إلى وضع لا نحسد عليه أبدا.

سبحان الله –أيها الأخوة- الإسلام صان المرأة وأكرم المرأة.

ونعرف أيضا أن العربي حتى قبل الإسلام كانت لديه حمية خاصة اتجاه المرأة، ولكن في عصرنا الحاضر لا دين ولا حمية.

المرأة هي السيدة المطاعة، وجهوا لها السهام واستعملوها واستغلوها أبشع استغلال.

يكفي أننا نرى أكثر من ستين مجلة تصدر أسبوعيا وعلى كل غلاف مجلة امرأة، ستين مجلة تقريبا بعضها يصدر أسبوعيا وبعضها يصدر شهريا وبعضها فصليا.

ستين مجلة، هذا ما نراه هنا والكثير الكثير يمنع.

سبحان الله، إذا كم يخرج في السنة من وجه امرأة جميلة على غلاف المجلات ؟

انظروا إلى الدعايات، ولا أقول لكم أمرا، ولكن انظروا ولو بعقولكم لا بأبصاركم أي شيء تجدوا ؟

أن المرأة هي المستخدمة للدعاية.

حتى قلت في مناسبة سابقة حتى الحراثة استخدمت صورة المرأة لها.

فهل يقصدون بالحراثة جمالها أو قوتها ؟

لم يرى في الحراثة جمال، وإن كان في قوة المرأة فهي ضعيفة ولا خير في هذه الحراثة.

لكنه الاستغلال البشع المقيت.

نعم –أيها الأخوة- استخدموا المرأة بأسم الحرية.

بأسم التمدن.

بأسم الخروج على الرجل أو مساواة الرجل.

وقاد هذه المعركة ومن روادها سلامه موسى وهدى شعراوي  جازهم الله بما يستحقون ومن تبعهم.

وهذا خطيرُ خطير، فانتبهوا –أيها الأحباب- إلى المؤامرات التي تحاك لنسائكم، أوضاع نسائنا لا تسر، أو كثير من نساءنا –حتى لا أبالغ- لا تسر أيها الأخوة. 

أوضاعها مؤلمة، القضايا التي تحدث، القضايا الاجتماعية حول المرأة كثيرة وتسمعونها وتعرفون كثيرا منها، هذا من صور الخلل الاجتماعي ومن آثار التخلف الذي نعيش فيه.

 كذلك من آثار الخلل الاجتماعي، الانحراف الخلقي.

الآن –أيها الأخوة- عصمنا الله وإياكم والمسلمين جميعا هناك انحراف خلقي لدى كثير من شباب المسلمين، بل أقول لدى بعض شياب المسلمين.

وينقل لنا هذا ممن يذهب إلى الشرق وإلى الغرب، لم يكن الانحراف مقتصرا فقط على الشباب، بل إنه تعداهم إلى من يزيد عمره عن الستين والعياذ بالله.

لابد أن نشخص المرض حتى نعرف العلاج.

ما الذي أصابنا، ما الذي دهانا أيها الأحباب؟

إنه اثر من آثار تأخرنا وتخلفنا وبعدنا عن كتاب الله سبحانه وتعالى

كذلك من آثار الفساد ومن آثار التأخر:

رابعا: الفساد الاقتصادي   

وما عرفنا النظام الرأس مالي أو النظام الغربي والنظام الاشتراكي إلا متى ؟ إلا بعد تخلفنا.

لدينا إسلامنا بنظامه الاقتصادي الإسلامي الغني بمقوماته، ولكن الكثير من العالم الإسلامي الآن بين من يعمل بالرأس مالية وبين من يعمل بالاشتراكية، وقليل من نقول أنه يعمل بالنظام الاقتصادي الإسلامي.

ما عرفنا الاشتراكية وما عرفنا الرأس مالية إلا بعد هذا العصر المزري عصر التخلف.

إذا التخلف الاقتصادي أثر من آثار تخلفنا، ومن مظاهر هذا التخلف أو هذا الخلل:

- استغلال ثروات الأمة من قبل الكفار.

- استثمار أموال المسلمين في بلاد النصارى.

كثير من المسلمين الآن أين يستثمرون أموالهم في بلاد النصارى، لا يثقون أن يستثمرونها عند أهلهم أو في بلدان المسلمين ، لا.

- ثم أيضا أهم المشاريع التنموية التي تقام في بلاد المسلمين تقام تحت ظل الشركات الغربية والشرقية.

- أين أرصدتنا؟ أرصدتنا عند أعدائنا يتمتعون بها حتى قالت إحدى الصحف الأوربية:

(لو سحب العرب أرصدتهم من بنوك أوربا وأمريكا لانهارت  أوربا وأمريكا خلال ساعات).

إذا هم يشتغلون بأموالنا وهذا خلل اقتصادي ما منشأه ؟

منشأه تخلفنا.

من الآثار التي وصلنا إليها مع كل أسف:

خامسا: عدم الهيبة أمام الأعداء.

أصبحنا غثاء كغثاء السيل، لم يعد المسلم كما كان في السابق له الهيبة وله المنعة وله القوة.

لا، أصبح يتندر به ويضحك عليه رمزا للسخرية والاستهزاء والضعف.

نعم سحبت المهابة من قلوب أعدائنا نحونا لأننا لم نخف الله تعالى ولم نتقه ولم نطعه.

كذلك من الآثار –أيها الأخوة- ولعله أثر هام:

سادسا: التحول من السيادة إلى مؤخرة الأمم.

 الآن نحنن نكرر عبارات وضعت لنا من قبل أعدائنا، التحول من السيادة إلى التبعية وإلى الخلف فنكرر دائما:

العالم الثالث والعالم النامي.

من سمانا العالم بالعالم الثالث أو العالم النامي ؟

هل سمانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

 سمانا أعدائنا ثم نأتي ندرس هذا على أنها حقائق يجب أن يحفظها أبنائنا.

أي رضينا بهذه المنزلة التي أعطيت لنا من قبل أعدائنا، هذا هوان وضعف وذلة .

ومن الآثار أيضا أيها الأخوة:

سابعا: اليأس والقنوط.

 ثم أذكر أيضا ما يتبع هذا الأمر ومنه اللامبالاة والتبلد وعدم الإحساس بمشكلات الأمة، وهذا أثر من الآثار.

وأختم الآثار بهذه النقطة من الآثار التي وقعنا فيها وانتبهوا لها لأنها تعني كل واحد منا:

ثامنا: انشغال الفرد بمستقبله عن مستقبل أمته.

من الآثار الرهيبة انشغال الفرد بمستقبله ومستقبل حياته الخاصة عن مستقبل أمته.

سئُل رجل وليس عاميا – أيها الأخوة- 

قيل له ما هي أمنيتك العظمى ؟

قال أن أملك بيتا أعيش فيه.

سبحان الله، وأين أمنيته لتحرير بلاد المسلمين ؟

أين أمنيته للخروج من الواقع الذي نحن فيه ؟

فمن الآثار أن كثير من المسلمين انشغل بمستقبله يشتغل الليل والنهار بمستقبله الخاص ونسي مستقبل أمته أو لم يبالي بمستقبل أمته.

………………………………………

بعد هذا يسألني سائل ويقول:

أنت ذكرت الأسباب وذكرت الآثار، ولكن ما هو العلاج؟

  نعترف بهذه الأمراض، نعترف بهذا الواقع ولكن ما هو العلاج، أيضا سأختصر ، وإلا كل موضوع يحتاج إلى محاضرة –أيها الأخوة-.

أول:  العودة الصادقة إلى الإسلام.

العودة الصادقة إلى الله تعالى وتحكيم شريعة الإسلام، ووالله لا حياة لنا ولا مجد لنا ولا عز لنا ولا فخر لنا إلا بالعودة إلى الله وتحكيم شريعة الله.

ومتى ما تخلينا عن ذلك  تخلى الله عنا:  (إن تنصروا الله ينصركم).

ولكن في آية أخرى: (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم، ثم لا يكونوا أمثالكم).

(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

غيروا ما بأنفسكم إلى الأسلم والحسن ولأحوط حتى يغير الله وضعنا.

ثانيا: عليكم بالجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فهذا من وسائل العلاج، أسألكم هل ربينا أبناءنا على الجهاد ؟

هل ربيناهم على حب الجهاد؟

هل ربيناهم على الاستعداد للموت في سبيل الله ؟

أتمنى ذلك، ولكن أدع الإجابة لكل واحد منكم، لأننا حين تركنا الجهاد وأخذنا بأذناب البقر نلهث وراء الدنيا ونركض حل بنا ما حل بنا.

(ولن يصلح حال آخر هذه الأمة إلا بما صلح به حال أولها)

كما قال صلى الله عليه وسلم. نعم، بما صلح أول هذه الأمة، بالجهاد، ولذا أقول لكم –أيها الأخوة- ربوا أبناءكم على حب الجهاد في سبيل الله، والموت في سبيل الله.

أعداءنا يحيكون لنا المؤامرات ونخشى أن ينقضوا علينا بين عشية وضحاها، أحاط بنا الأعداء إحاطة السوار بالمعصم، في الشرق أعداء في الجنوب أعداء في الشمال أعداء في الغرب أعداء، أين المفر ؟

(ففروا إلى الله).

ربوا أبناءكم على الجهاد، ربوهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ربوهم على الرجولة أيها الأخوة، كثير من شبابنا مائع لا يتحمل حتى لفحة الهواء ولا ضربت الشمس.

هل هؤلاء على استعداد ليواجهوا عدوهم ؟

رأيت صورة في ملعب من الملاعب كتب تحتها: أن في الملعب أكثر من أربعين ألف متفرج.

فتسألت: لو نادى منادي الجهاد حيا على الجهاد.

كم سينطلق من هؤلاء الذين ناداهم منادي الشيطان فهرعوا له وأجابوا ؟؟

أتمنى أن هؤلاء ينتقلون من هنا إلى هناك.

ولكن سنن الله الكونية لا تختلف أيها الأخوة، إن بقي أولادنا على أساليب تربيتهم الآن في اللهو والعبث والسهر وحب الذات، فلا تلوموا إلا أنفسكم أيها الأحباب، هذه سنن الله لا تتغير.

عودوا إلى الله وربوا أبناءكم على الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

كذلك من وسائل العلاج :

ثالثا: العزة والاستقلال والتخلص من الهزيمة النفسية.

والهزيمة النفسية كما قلت لكم منذ قليل أنها مرض فتاك  إن لم نتخلص منه فستحل بنا العقوبة  تلو العقوبة –أيها الأحباب-

لابد من العزة، لا بد من الشعور بالعزة وأن أعداءنا هم الأذلة، العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون.

كذلك من وسائل العلاج:

رابعا: اجتماع كلمة المسلمين، وتعاونهم في ما بينهم.

وهذه لن أعلق عليها فهي واضحة جلية.        

خامسا: عودة دور العلماء في المجتمع وتسلمهم ذروة القيادة.

أطالب وأكد على ذلك، التفوا حول علمائكم –أيها الأخوة- التقوا بعلمائكم فنحن نجد هوة كبيرة بين علماءنا وبين أبناءنا، لما ؟

لا بد أن يرجع للعلماء دورهم وقيادتهم ومهابتهم وقيمتهم، ودوركم في هذا المجال أن تتجهوا وتوجهوا أبناءكم إلى علماءكم، يتعلموا منهم ويستفيدوا منهم، ويحيطوهم بمشكلات الأمة.

بسبب هذا الانفصال بعض علماءنا قد لا يحسون أو لا يدركون المشكلات التي تعيشها الأمة.

العلماء لهم دورهم في الأمة، فلابد من عودة دور العلماء، العلماء الصادقين المخلصين الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم.

سادسا: إصلاح مناهج التعليم، وتطهير وسائل الإعلام من الفساد.

من أهم وسائل العلاج إصلاح مناهج التعليم ووسائل التعليم، وتطهير وسائل الإعلام من الفساد، وسائل إعلام المسلمين مليئة بالفساد، مليئة بالانحطاط من صور النساء ومن غيرها، فلابد من عودة صادقة.

وهنا أطالبكم بالنصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

إذا رأيتم منكرا في صحيفة أو في جهاز مسموع أو مرئي، هل كل واحد منكم يكتب فيها ينبه ويخوف هؤلاء المسؤولين من الله سبحانه وتعالى ؟.

أم نحن استكنا واستسلمنا ويأسنا وقنطنا ؟

كل واحد منكم مسؤول، كل واحد منكم على ثغرة اللهَ الله أن يؤتى الإسلام من قبله.

أيضا من وسائل العلاج:

سابعا: التربية الصالحة والاهتمام بالأسرة. 

وأقف وقفة يسيرة عند هذه النقطة فأقول –أيها الأحباب- اهتموا بأسركم، عودوا إلى أسركم، وكما يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:

(كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، الرجل راع ومسؤول عن رعيته أو عن أهل بيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيته، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).

صدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، بدأ بالأمير وانتهى بالخادم مرورا بالأب ومرورا بالأم.

الأمير مسؤول، القائد الأول مسؤول أن يرعى رعيته ضمن منهج الله ، وضمن حدود الله سبحانه وتعالى.

الأب مسؤول.

والأم مسؤولة.

الأم مدرسة إذا أعددتها…أعدت شعبا طيب الأعراق.

نريد الأم الصالحة، نريد الأم المخلصة، نريد الأم الصادقة التي تضحي في سبيل دينها وفي سبيل عقيدتها، لا في سبيل ما يريدها أعدائها منها من الأزياء والخروج إلى الشوارع والمناسبات وتضييع بيتها مع الخدم والسائقين.

انتبهوا إلى أسركم خوفا من أن يصيبها الداء، وقد أصاب الداء بعضها وأنتم لا تعلمون.

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة…..وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم.

ليعود للأب وللأم دوره في أسرته، هذا من أهم وسائل العلاج من الوضع الذي نحن فيه. فإذا كل واحد منكم أخرج لنا من بيته رجالا، فبعد أيام وبعد سنوات –ولا نستعجل العلاج:

- سيخرج لنا جيل –إن شاء الله- يحمل الريادة والقيادة والسيادة.

أنتم مسؤولون عن ما في بيوتكم، أنتم مسؤولون عن من تحت أيديكم.

ليست مسئوليتكم أن تأمنوا لهم الأكل والشرب والملبس.

لا، هذا مطلب، ولكن أهم من ذلك أن تربوهم وفق منهج الله سبحانه وتعالى.

لما تخلينا عن مسئوليتنا، لما تخلينا عن قيادتنا وسيادتنا وريادتنا في بيوتنا ؟

لما تركناها لغيرنا عن طريق آلة اللهو.

عن طريق الصحف.

عن طريق الخدم والحشم والأصدقاء؟

وأصبح الأب متفرجا على مسرحية تقام في بيته، ونار تلتهب في بيته ولا يطفئها.

عودوا إلى الله، خافوا من الله قبل أن تحل بكم عقوبة لا ندري ما هي نتيجتها.

من الذين يمشون ويسرحون في شوارعنا ؟

هل هم أبناء النصارى ؟

لا، إنهم أبناءنا، أين دور آبائهم ؟ أين دور أمهاتهم ؟

لماذا أيها الأخوة ؟

لماذا نحمل التبعة على غيرنا ونحن مسؤولون عن هذا الأمر ؟

أنتم المسؤولون –أيها الأخوة- فعودوا إلى الله.

إذا الاهتمام بالأسرة والتربية الصالحة من أولى الوسائل التي تعيد إلينا مجدنا وعزنا وفخرنا وقيادتنا.

ثامنا: وأخيرا لا بد من تطهير المجتمع ووقاية المجتمع من وسائل الفساد والإفساد.

مجتمعنا ملئ بوسائل الفساد والإفساد فلابد من التطهير والتنقية.

وبهذا أيها الأخوة أقول لكم:

هذه أهم الأسباب التي أراها ولابد منها حتى نعود إلى عزنا وإلى مجدنا وإلى سؤددنا.

ولابد أن نتذكر قوله تعالى:

(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمر ون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتأمنون بالله)

وقوله تعالى:

(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، والسلام عليكم ورجمة الله وبركاته.

…………………………………………………………….……….

واحات الهداية