﴿ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد﴾ (سورة سبأ، الآية:6).

الحلقة الحادية عشرة

الجبال

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد:سنلتقي اليوم مع نموذج من العلماء يختلف عن بعض العلماء الآخرين ويمثل قطاعاً منهم، إنه البروفيسور سياويدا.البروفيسور سياويدا من أشهر علماء جيولوجيا البحار في اليابان، وهو من العلماء المشاهير كذلك في العالم.البروفيسور سياويدا، قد ملئت رأسه تشويشات وشبهات عن الدين، وعن كل الأديان. له حق فيما يقول عن الأديان كلها إلا الإسلام. لأن الإسلام يختلف عن سائر الأديان التي يتحدث عنها. عندما التقينا معه أول مرة قال لنا: لا يصح أن تتحدثوا أهل الدين أبداً. يجب أن تسكتوا في الدنيا كلها، فقلت له: لماذا يا بروفيسور؟لماذا؟قال: لأنكم إن تكلمتم أشعلتم الحرب بين الناس في العالم كله.فقلت له: وحلف وارسو وحلف الأطلسي لماذا يحشدون هذه الترسانات الهائلة من الأسلحة النووية في الفضاء وفي البحار وعلى الأرض وتحت الأرض؟ لماذا هذا؟ أبسبب ديني؟ فسكت. قلنا له: على أي حال نحن نعلم أنك تتخذ موقفاً من الدين كله ولكن نريد طالما أنت لا تعرف ما هو الإسلام أن تسمع أولاً وأن نرى ما عندك. فوجهنا له عدداً من الأسئلة في مجال تخصصه، وعن الآيات والأحاديث التي تصف تلك الظواهر التي يتحدث عنها، وكان منها ما طلبنا منه أن يبينه في موضوع الجبال. سألناه ما هو شكل الجبل؟ هل هو في شكل وتد فأجاب.البروفيسور سياويدا: الجبال القارية والجبال المحيطية تتكون من مواد مناسبة. فالجبال القارية مكونة جوهرياً من مواد راسبة. بنيما الجبال المحيطية مكونة من صخور بركانية. الجبال القارية تكونت بواسطة قوى ضاغطة، بينما الجبال المحيطية تكونت بواسطة قوى تمديدية، ولكن النقاط المشتركة بين النوعين من الجبال هي: أن لها جذوراً لتدعم الجبال. في حالة الجبال القارية فإن المادة الخفيفة القليلة الكثافة التي تكون الجبل تمتد تحت الأرض كجذر، في حالة الجبال المحيطية هناك أيضاً مادة خفيفة تدعم الجبل كجذور ولكن في حالة الجبال المحيطية فإن مادتها الخفيفة مناسبة للتركيب الخفيف ولكنه ساخن ولذلك فإنها ممتدة بطريقة رقيقة ولكن من وجهة نظر الكثافة فإنهما تؤديان نفس المهمة وهو دعم الجبل ولذلك فإن مهمة الجذور هي دعم الجبال وفق قانون أرشميدس "الطفو".الشيخ الزنداني: لقد شرح لنا البروفيسور سياويدا شكل كل جبل سواء كان على اليابسة في القارات أو في قاع المحيطات، إنه في شكل وتد، ولكن هل كان أحد يعلم هذا الشكل في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هل يمكن أن يتصور الإنسان أن هذا الجبل الذي نراه عبارة عن كتلة ضخمة على سطح الأرض لها امتداد في باطن الأرض وما يسمى بالجذر عند العلماء. إن كثيراً من الكتب التي تتكلم عن الجغرافيا وليس عندها تخصص في هذا الباب لا تصف الجبال إلا من الجزء الأعلى فقط، ولكن هذا ما كشفه العلم، والله تعالى يقول عن "الجبال" في وصفها: ﴿والجبال أوتاداً﴾ (سورة النبأ، الآية:7).

وعندما سألنا –البروفيسور سياويدا- عن وظيفة الجبال ألها دور في تثبيت القشرة الارضية؟ فقال: إلى الآن لم يكتشف العلم هذا. فأخذنا نبحث ونسأل فوجدنا كثيراً من علماء الجيولوجيا يجيبون علينا بنفس الجواب إلا القليل ومن هؤلاء أصحاب هذا الكتاب الذي نراه أمامنا.-الأرض- وهو مرجع علمي في كثير من الجامعات في العالم. أحد الذين كتبوه هو فرانك برس، هو الآن رئيس أكاديمية العلوم في أمريكا. وكان قبل ذلك المستشار العلمي للرئيس الأمريكي في زمن كارتر. ماذا يقول هذا؟ إنه كما نرى في صفحة 488 بين شكل الجبل وأنه في شكل وتد. وكذلك في صفحة 413، كما نرى في هذه الصورة، الجبل جزء صغير كما في هذا الشكل، وتحته الجذر غائر في الطبقة السفلى. وفي هذا الشكل الذي وضعه في صفحة أربعمائة وخمسة وثلاثين نراه قد كتب عن وظيفة الجبال يقول:إن للجبال دوراً كبيراً في تثبيت قشرة الأرض، وهذا الذي قرره القرآن قبل 1400 عام قال تعالى: ﴿والجبال أرساها﴾ (سورة النازعات، الآية:32) وقال تعالى: ﴿والجبال أوتاداً﴾ (سورة النبأ، الآية:7) وقال تعالى: ﴿وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم﴾ (سورة النحل، الآية:15).فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بهذا ثم توجهنا بالسؤال إلى البروفيسور سياويدا وقلنا له: يا أستاذ ما رأيك في هذا الذي رأيته من ظاهرة حديث القرآن والسنة عما في هذا الكون من أسرار، الأمر الذي لم يكتشفه العلم إلا في هذا الزمان، فأجاب على سؤالنا بقوله:البروفيسور سياويدا: أعتقد أنه يبدو لي غامضاً جداً جداً غير معقول تقريباً، إنني أعتقد حقيقة إن كان ما قلته صحيحاً، فإن هذا الكتاب جدير جداً بالملاحظة، إنني أوافقك.الشيخ الزنداني: ماذا يستطيع العلماء أن يقولوا، لا يمكنهم أن ينسبوا هذا العلم الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الكتاب، لا يمكنهم أن ينسبوا هذا العلم في هذا الكتاب إلى مصدر بشري، أو إلى جهة علمية في ذلك العصر. فإن جميع العلماء ما كانوا يعلمون شيئاً عن هذه الأسرار.إن البشرية كلها لم تعلم شيئاً عن ذلك، إنهم لا يملكون أن يجدوا تفسيراً إلا أن يقولوا هذا من جهة أخرى هي وراء هذا الكون. نعم، إنه وحي من الله سبحانه وتعالى، أوحى به إلى عبده النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم، وجعله معجزة باقية دائمة تستمر مع البشرية إلى قيام الساعة.


 

﴿ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد﴾ (سورة سبأ، الآية:6).

الحلقة الثانية عشرة

حقائق علم الفلك

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد:

فإن الله سبحانه وتعالى بين لنا أن هذا الكتاب القرآن الكريم قد أنزله رحمة للعالمين قال تعالى: ﴿إن هو إلا ذكر للعالمين* ولتعلمن نبأه بعد حين﴾(سورة ص، الآية:87-88).فهو ذكر للبشرية كلها إلى قيام الساعة، وفيه من الأنباء ما يتجدد مع مرور الزمن، فهذا القرآن نزل بعلم الله، وكل آية فيه نزلت بعلم الله، كما قال تعالى: ﴿لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه﴾(سورة النساء، الآية:166).أي وفيه علمه، فكل آية تحمل علم الله، والبشر يرتقون، فإذا ارتفى البشر إلى مستوى علمي تمكنوا معه أن يفهموا هذا المعنى الإلهي الذي أشارت إليه تلك الآية، وعلموا أن هذه الآية قد جاءت من عند الله، فإذا تقدم البشر وجدوا كشوفات وآيات أخرى، فإذا تقدموا التقوا مع آيات أخرى، وهكذا لا يزال البشر يجدون ما يؤكد لهم أن القرآن الكريم من عند الله سبحانه وتعالى.

هذا هو البروفيسور آرمسترونج، أحد مشاهير علماء الفلك في أمريكا، يعمل في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا. هو من مشاهير علمائها، التقينا به وسألناه عن عدد من الآيات الكونية المتعلقة بمجال تخصصه في الفلك.سألناه عن كيف تكون؟ فقال: سأحدثكم كيف تكونت كل العناصر على الأرض، لقد اكتشفناها، بل لقد أقمت عدداً من التجارب لإثبات ما أقول لكم. إن العناصر المختلفة تجتمع فيها الجسيمات المختلفة من الكترونات وبروتونات وغيرها. لكي تتحد هذه الجسيمات في ذرة كل عنصر يحتاج إلى طاقة. وعند حسابنا للطاقة اللازمة لتكوين ذرة الحديد وجدنا أن الطاقة اللازمة يجب أن تكون كطاقة المجموعة الشمسية أربع مرات، ليست طاقة الأرض ولا الشمس ولا القمر ولا عطادر ولا زحل ولا المشتري كل هذه المجموعة الشمسية بأكملها لا تكفي طاقتها لتكوين ذرة حديد، بل تحتاج إلى طاقة مثل طاقة المجموعة الشمسية أربع مرات. ثم قال هو من نفسه بدون كلام منا، قال: ولذلك يعتقد العلماء أن الحديد عنصر غريب وفد إلى الأرض ولم يتكون فيها.فذكرنا قول الله تعالى: ﴿وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس﴾ (سورة الحديد،الآية:25).ثم سألناه هل في هذه السماء فروج وشقوق؟ قال: لا، إنكم تتكلمون عن فرع من فروع علم الفضاء اسمه الكون التام.هذا الكون التام ما عرفه العلماء إلا أخيراً، لو أخذت نقطة في الفضاء وتحركت مسافة معينة إلى اتجاه وتحركت بنفس المسافة في اتجاه آخر لوجدت أن وزن الكتلة في كل الاتجاهات متساو لأن هذه النقطة متزنة فيجب أن تكون الضغوط عليها من كل جانب متساوية. والكتلة يجب أن تكون كذلك. ولو لم يكن هذا الاتزان لتحرك الكون وحدث فيه تصدع وشقوق.الشيخ الزنداني: فذكرت قول الله جل وعلا: ﴿أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج﴾ (سورة ق، الآية:6).وتحدثنا معه كذلك عن جهود العلماء في محاولاتهم الوصول إلى حافة الكون. هل وصلوا إلى حافة الكون؟ قال: نحن في معركة للوصول إلى حافة الكون. إننا نكبر أجهزة ثم ننظر من خلالها فنكتشف نجوماً ونكتشف أننا ما زلنا بداخل هذه النجوم ما وصلنا إلى الحافة؟ وأنا أعلم من قوله تعالى: ﴿ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين﴾(سورة الملك، الآية:5).إن كل هذه النجوم هي زينة للسماء الدنيا. وهو يقول لنا: لم نصل إلى الحافة. لم نصل إلى النهاية. قال: ولذلك نحن ننفكر في إقامة التلسكوبات في الفضاء حتى لا يكون هذا الغبار والأشياء من الظواهر الجوية الموجودة على الأرض من العوائق التي تحول بيننا وبين هذه الرؤيا. إن التلسكوبات البصرية التي تستعمل الضوء أو البصر عجزت ولم تستطع أن تتجاوز بنا مسافات كبيرة، فعوضنا عن هذه التلسكوبات البصرية بتلسكوبات لا سلكية فوجدنا مسافات جديدة، ولكن لا زلنا داخل الحدود.فذكرت قول الله جلا وعلا:﴿فارجع البصر هل ترى من فطور * ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير﴾ (سورة الملك، الآية:3-4).كل هذا ونحن نريه الآيات، كلما ذكر لنا حقيقة ذكرنا له الآية وهو يوافق على ذلك، ثم قلنا له: هذا أنت ذا قد رأيت بنفسك حقائق علم الفلك الحديث بعد أن استخدم الإنسان هذه الأجهزة والصواريخ وسفن الفضاء واكتشفت هذه المعلومات، ها أنت ذا قد رأيتها ثم رأيت كيف جاءت في نصوص القرآن الكريم قبل 1400 عام فما رأيك في هذا؟ فأجاب:البروفيسور آرمسترونج: هذا سؤال صعب ظللت أفكر فيه منذ أن تناقشنا هنا وإنني متأثر جداً كيف أن بعض الكتابات القديمة تبدو متطابقة مع علم الفلك الحديث بصورة ملفتة للأنظار، لست عالماً وافياً في تاريخ البشرية وفي صورة يعتمد عليها بحيث ألقي بنفسي تماماً في ظروف قديمة كانت سائدة منذ 1400 سنة، ولكني بالتأكيد أود ألا أزيد على أن ما رأيناه جدير بالملاحظة، ومع ذلك قد لا يترك مجالاً للتفسير العلمي، قد يكون هناك شيء فيما وراء فهمنا كخبرة بشرية عادية ليشرح الكتابات التي رأيناها، ولكن ليس في نيتي أو وضعي عند هذه النقطة أن أقدم إجابة على ذلك، لقد قلت كلمات كثيرة على ما أظن دون أن أعبر بالضبط عما أردتني أن أعبر عنه. إنه من واجبي كعالم أن أظل مستقلاً عن مسائل معينة، وأعتقد أن هذا عندما توقفت على أفضل وجه عند نقطة أقل قليلاً من إعطائك الإجابة التي قد ترغب فيها؟الشيخ الزنداني: نعم، أمر صعب أن يتصور أن هذا العلم الذي نزل في كتاب الله قبل 1400 عام قد جاء إلى محمد صلى الله عليه وسلم من مصدر بشري، لا بد أن هناك مصدراً وراء تفكير هؤلاء العلماء ﴿قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض﴾ (سورة الفرقان، الآية:6).إننا كما شاهدنا وكما رأينا من اللقاءات المختلفة مع هؤلاء العلماء على أبواب عصر جديد. هذا العصر عصر تعانق الدين والعلم، ولكن العلم الحق والدين الحق. فلا يمكن أن يكون بينهما تناقض، ولا يمكن أن يكون بينهما تعارض، وهذا ما قرره علماء المسلمين عبر القرون، لا يمكن أبداً أن تتناقض حقيقة علمية قطعية مع حقيقة شرعية قطعية في دلالتها وفي معناها، إذا كانوا يقولون نحن في عصر الفضاء وفي عصر الذرة فكذلك نحن نقول: هذا صحيح، ولكن عصراً أهم من ذلك يوشك أن يطل علينا هو عصر الاتفاق بين العلم والدين، ولا يكون ذلك إلا بين العلم الصحيح، والدين الإسلامي الذي حفظه الله من كل تبديل وتحريف.


 

﴿ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد﴾ (سورة سبأ، الآية:6).

الحلقة الثالثة عشرة

الأطوار الجنينية

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد:فهذا هو البروفيسور ج. س. جورنجر أستاذ في كلية الطب قسم التشريح في جامعة جورج تاون في واشنطن. التقينا بهذا الأستاذ وسألناه: هل ذكر في تاريخ علم الأجنة أن الجنين يخلق في أطوار؟ وهل هناك من الكتب المتعلقة بعلم الأجنة ما قد أشار إلى هذه الأطوار في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أو بعده بقرون، أم أن هذا التقسيم إلى أطوار لم يعرف إلا في منتصف القرن التاسع عشر؟ أجابنا بقوله: لقد كانت هناك عناية من اليونانيين بدراسة الجنين، وقد حاول عدد منهم أن يصف ما يدور للجنين وما يحدث فيه. قلنا له: نعم، نعلم هذا، إن هناك نظريات لبعض العلماء منهم أرسطو وغيره، ولكن هل هناك من ذكر أن هناك أطواراً؟ لأننا نعلم أن الأطوار لم تعرف إلا في منتصف القرن التاسع عشر، ولم تثبت إلا في أوائل القرن العشرين.فبعد نقاش طويل قال: لا. قلنا: هل هناك مصطلحات أطلقت على هذه الأطوار كالمصطلحات التي وردت في القرآن الكريم؟ قال: لا. قلنا فما رأيك في هذه المصطلحات التي تغطي أطوار الجنين؟ بعد مناقشة طويلة معه قدم بحثاً وألقاه في المؤتمر الطبي السعودي الثامن عن هذه الأطوار التي وردت في القرآن الكريم، وعن جهل البشرية بها، وعن شمول ودقة هذه المصطلحات التي أطلقها القرآن الكريم على هذه الأطوار لأحوال الجنين بعبارات موجزة وألفاظ مختصرة شملت حقائق واسعة. ثم هو ذا يتكلم عن رأيه في هذا فيقول:البروفيسور جورنجر: إنه وصف للتطور البشري منذ تكوين الأمشاج إلى أن أصبحت كتلاً عضوية، عن هذا الوصف والإيضاحات الجلية والشاملة لكل مرحلة من مراحل تطور الجنين في معظم الحالات إن لم يكن في جميعها يعود هذا الوصف في قدمه إلى قرون عديدة قبل تسجيل المراحل المختلفة للتطور الجنيني البشري التي وردت في العلوم التقليدية العلمية.الشيخ الزنداني: وتطرق البحث مع البروفيسور جورنجر حول هذه الظاهرة التي كشفت علمياً وكشفت حديثاً أنها لتزيل الإشكال الذي كان يثيره النصارى. النصارى يقولون ها هو ذا عيسى عليه السلام قد خلق من أم فمن هو أبوه؟ يثيرون هذا الإشكال لا يتصورون أن يكون هناك خلق بدون أب. أجاب عليهم القرآن الكريم وبين لهم وضرب لهم مثلاً بآدم قال تعالى:﴿إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون﴾ (سورة آل عمران، الآية:59).إننا نجد ثلاثة أنواع من الخلق. آدم مخلوق بدون أب ولا أم. حواء مخلوقة بدون أم. عيسى عليه السلام مخلوق بدون أب. والذي قدر أن يخلق آدم عليه السلام بدون أب وأم قادر على أن يخلق عيسى عليه السلام من أم بدون أب، ومع ذلك لا يزال النصارى يجادلون، ويشاء الله سبحانه وتعالى أن يكشف لهم حجة بعد حجة وبرهاناً بعد برهان.لماذا تستشكلون هذا أيها النصارى؟ قالوا: لأنا لا نرى أبداً مخلوقاً يمكن أن يأتي بغير أب ولا أم. فإذا بالعلم يكشف أن كثيراً من الحيوانات الدنيا وكثيراً من الكائنات الآن تتوالد وتنجب بدون تلقيح الذكور، فهذا النحل: جميع ذكوره عبارة عن بيض لم يلقح بماء الذكور والبيضة التي تلقح بماء الذكور تكون شغالة أنثى. أما الذكور فهي مخلوقة من بيض الملكة بدون ماء الذكور وهناك أمثلة كثيرة على ذلك. بل لقد حدث في التقدم العلمي أن تمكن الإنسان أن ينبه بعض البيض لبعض الكائنات فتنمو هذه البيضة بدون حاجة إلى تلقيح الذكر. وها هو ذا البروفيسور جورنجر يحدثنا عن هذا الأمر.البروفيسور جورنجر: في نوع آخر لتناول الموضوع فإن البيض غير المخصب لكثير من الحيوانات اللافقارية والبرمائية والثديية السفلي يمكن تنشيطه بوسائل ميكانيكية، كالوخز بالإبرة، أو بوسائل مادية كالصدمة الحرارية، أو بوسائل كيميائية بأي عدد من المواد الكيمائية المختلفة، ويستمر البيض إلى مراحل تطور متقدمة، في بعض الأجناس يعتبر هذا النوع من التطور الجيني طبيعياً.الشيخ الزنداني: أين الإشكال إذاً عند النصارى؟ يقولون مستحيل أن يكون هناك مخلوق من أم بدون أب. ويقدم هذا الدليل ويصبح ذلك من الأمور التي يمكن أن تقاس فيما بعد فأي إشكال بعد ذلك؟ لقد أجاب الله تعالى الجواب القاطع الشافي وضرب مثلاً بآدم الذي هم يؤمنون به ليس له أب وليس له أم. أنتم تستشكلون مخلوقاً من أم بدون أب فإن الله قد قدم لكم مثلاً مخلوقاً أنتم تعرفونه وتؤمنون به بدون أب وبدون أم وهو آدم عليه السلام. ﴿إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون﴾.ويشاء الله جل وعلا أن يأتي هذا التقدم العلمي والكشف العلمي ليقيم دليلاً بعد دليل على بيان الحق الذي جاء به القرآن، وهكذا يتجلى هذا الكتاب الكريم مع مرور الزمن وتتجلى آياته، وتتضح لأكابر علماء عصرنا وللعلماء جيلاً بعد جيل، فهو الكتاب الذي لا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه.


 

﴿ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد﴾ (سورة سبأ، الآية:6).

 الحلقة الرابعة عشر

أعماق البحار والمحيطات

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد:فإن المعجزة القرآنية معجزة باقية متجددة إلى قيام الساعة، يعرفها الناس على اختلاف ثقافاتهم وعلى اختلاف عصورهم، يرى فيها البدوي في الصحراء ما يكفيه، ويرى فيها الأستاذ الجامعي ما يكفيه.هذا هو البروفيسور درجا برساد راو إنه أستاذ في علم جيولوجيا البحار، وأستاذ الآن بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، التقينا به وعرضنا عليه عدداً من الآيات المتعلقة بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة فاندهش لما سمع ولما رأى وهو يقرأ معاني آيات القرآن في بعض الكتب المخصصة لذلك. كان مما تعرض لشرحه هو قول الله جل وعلا: ﴿أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور﴾ (سورة النور، الآية:40).قال: نعم، هذه الظلمات عرفها العلماء الآن بعد أن استعملوا الغواصات وتمكنوا من الغوص في أعماق البحار، لا يستطيع الإنسان أن يغوص بدون آلة أكثر من عشرين إلى ثلاثين متراً. الذين يغوصون من أجل اللؤلؤ في مناطق الخليج يغوصون في مناطق قريبة لا تزيد على هذا العمق. فإذا غاص الإنسان إلى أعماق شديدة حيث يوجد الظلام على عمق 200 متر لا يمكن أبداً أن يبقى حياً، وهذه الآية تتحدث عن ظاهرة توجد في البحار العميقة ولذلك قال تعالى: ﴿أو كظلمات في بحر لجي…﴾ ليس في أي بحر وصفت هذه الظلمات بأنها متراكمة بعضها فوق بعض، والظلمات المتراكمة والتي تتراكم في البحار العميقة تنشأ بسببين، السببان يكونان نتيجة اختفاء الألوان في طبقة بعد طبقة. فالشعاع الضوئي مكون من سبعة ألوان، فإذا نزل الشعاع الضوئي إلى الماء توزع إلى الألوان السبعة، نرى في هذا الشكل الذي أمامنا الشعاع في الماء، فالجزء الأعلى قد امتص اللون الأحمر في العشرة الأمتار السطحية العليا. لو أن غواصاً يغوص على عمق ثلاثين متراً وجرح جسمه وخرج الدم وأراد أن يراه فلا يرى اللون الأحمر لأن الأشعة الحمراء غير موجودة وبعده يمتص اللون البرتقالي، وكما نرى في هذا الشكل الشعاع الضوئي وهو ينزل في أعماق الماء على مسافة 50 متراً يبدأ امتصاص اللون الأصفر، وعلى عمق100 متر يكون امتصاص اللون الأخضر وهكذا. ونرى تحت مائتي متر يكون الامتصاص للون الأزرق، فإذاً ظلمة اللون الأخضر تحت عند عمق 100 متر وظلمة الأصفر تكون على عمق 50 متراً، وقبلها ظلمة اللون البرتقالي وظلمة اللون الأحمر، فهي ظلمات بعضها فوق بعض. وأما السبب الثاني فيكون بسبب الحواجز التي تحجب الضوء، فالشعاع الضوئي الذي نراه هنا ينزل من الشمس فتمتص السحب بعضه وتشتت بعضه فتنشأ ظلمة تحت السحب،هذه الظلمة الأولى، فإذا نزل الشعاع الضوئي إلى سطح البحر المتموج انعكس على سطح الموج فأعطى لمعاناً. ولذلك نرى إذا حدث موج في البحر كان اللمعان شديداً على حسب ميل سطح الموج. فالموج إذاً يسبب عكساً للأشعة أي يسبب ظلمة ثم ينزل الشعاع الضوئي إلى أسفل، ونجد البحر هنا ينقسم قسمين، قسم سطحي وقسم عميق. أما السطحي فهو الذي يوجد فيه الظلام والبرودة. يختلف البحران في خصائصهما وصفاتهما ولكن يوجد موج فاصل بين البحر السطحي والبحر العميق، هذا الموج الداخلي لم يكتشف إلا عام 1900م تحت الموج العميق الذي يفصل بين البحرين يوجد البحر العميق، ويبدأ الظلام حتى إن الأسماك في هذه المناطق لا ترى بأعينها بل لها مصدر للضوء يصدر من جسمها في هذه الظلمات التي تراكمت بعضها فوق بعض، جاء ذكرها في قوله تعالى:﴿أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج..﴾ وإذا نظرنا أسفل الشكل نرى الظلام ونرى فوق الموج الأول الذي يفصل بين البحر السطحي والبحر العميق ﴿يغشاه موج من فوقه موج﴾ أي من فوق هذا الموج موج آخر، هو الذي يكون على سطح البحر "من فوقه سحاب" فوقهم "ظلمات بعضها فوق بعض" ظلمات هذه الحواجز وظلمات الألوان في طبقات بعضها فوق بعض ﴿إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور﴾ في هذه المناطق ظلام شديد، والغواصات تنزل إلى هذه المسافات فلا ترى شيئاً، وتستخدم مصادر للضوء والإضاءة حتى ترى طريقها. فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم عن هذه الآيات؟كان هذا مما حدثنا عنه البروفيسور راو، ثم استعرضنا معه كثيراً من الآيات المتعلقة بالبحار وفي مجال تخصصه ثم قلنا له: ما هو تفسيرك يا أستاذ راو لهذه الظاهرة؟ ظاهرة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة كيف أخبر محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الحقائق منذ 1400 عام فقال:البروفيسور راو: ومن الصعب أن نفترض أن هذا النوع من المعرفة كان موجوداً في ذلك الوقت منذ 1400سنة هجرية، ولكن بعض الأشياء تتناول فكرة عامة ولكن وصف هذه الأشياء بتفصيل كبير أمر صعب جداً، ولذلك فمن المؤكد أن هذا ليس علماً بشرياً بسيطاً، لا يستطيع الإنسان العادي أن يشرح هذه الظواهر بذلك القدر من التفصيل، ولذلك فقد فكرت في قوة خارقة الطبيعة خارج الإنسان، لقد جاءت المعلومات من مصدر خارق للطبيعة.الشيخ الزنداني: نعم، لا بد أن يكون مصدر هذا العلم من جهة ليست في مستوى البشر ولا في مستوى الطبيعة كما يقول الأستاذ راو، إنها وراءها، إنها فوق الطبيعة فوق الطاقة البشرية، إنه يريد أن يقول لا يمكن أن يكون هذا من كلام موجود من موجودات الطبيعة، حقاً إنه كلام الذي يعلم هذه الطبيعة ويعلم هذا الكون ويعلم الأسرار فيه﴿قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض﴾إنه من عند الله سبحانه وتعالى. وهكذا تتضافر شهادات العلماء شهادة بعد شهادة لبيان:أن هذا الهدى وأن هذا النوريحمل برهان صدقه فيه فهوالهدى وهوالحجة وهوالبينةالمتجددة إلى قيام الساعة.


 

﴿ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد﴾ (سورة سبأ، الآية:6).

الحلقة الخامسة عشرة

الظواهر البحرية بين الكشوف العلميةوالآيات القرآنية

البروفيسور شرويدر: لقد أرانا الشيخ الزنداني أن العلم في الحقيقة يؤكد ما يقوله القرآن، وما ورد في القرآن الكريم منذ عديد من السنين هو حقيقة ما يكشفه العلماء اليوم.الشيخ الزنداني: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد:هذا هو البروفيسور شرويدر من علماء البحار في ألمانيا الغربية التقينا به في ندوة لعلماء البحار نظمتها جامعة الملك عبدالعزيز بجدة. وطلب مني أن ألقي محاضرة عن الظواهر البحرية بين الكشوف العلمية والآيات القرآنية، وبعد أن ألقيت المحاضرة وقف البروفيسور شرويدر في اليوم الثاني يعقب على هذه المحاضرة فكان مما قاله:البروفيسور شرويدر: أود أن أعلق على المحاضرة التي ألقاها علينا الشيخ الزنداني بالأمس وأود أن أقول: إنني أقدر هذه المحاضرة في إطار اجتماع علمي كهذا لا يحتاج المرء أن يكون مسلماً. حتى بالنسبة لي كمسيحي من المهم أن أرى العلم ليس فقط كما هو عليه ولكن أيضاً أن أراه بصورة أوسع وأقابله بالدين أي أن أراه في إطار الدين.الشيخ الزنداني: ثم أخذ البروفيسور شرويدر يبين العلاقة بين الأديان والعلم، إنه يتحدث عن تلك الفجوة الهائلة بين الأديان كلها وبين العلم، فهناك تنافر واضح بين قادة العلوم الدينية وقادة العلوم الكونية، ولكنه اندهش عندما سمع آيات القرآن الكريم وسمع الحقائق التي ذكرها هذا الكتاب الكريم قبل 1400 عام فعلق على ذلك وقال:البروفيسور شرويدر: في أديان كثيرة نجد أن القادة يظنون أن العلم يستطيع أن يأخذ شيئاً من الدين، إذا كان العلم يتقدم فإن على الدين أن يتقهقر، هنا لدينا تناول مختلف تماماً لقد أراني الشيخ الزنداني أن العلم في الحقيقة يؤكد ما يقوله القرآن وما ورد بالفعل منذ عديد من السنين في القرآن هو حقيقة ما يكتشفه العلماء اليوم أعتقد أنه من المهم بالنسبة لندوة كهذه أن تبلغ إلى العلماء من جميع الأمم. وإنني واثق أننا جميعاً سنعود إلى أوطاننا ونحن نفكر أكثر في العلاقة بين الدين وعلوم البحار. ليس هناك علم في جانب ودين في جانب آخر.

الشيخ الزنداني: يتبين أن ما يكتشفه العلماء اليوم قد ذكر في القرآن قبل 1400 عام. ولنا أن نتساءل من الذي أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بها. من الذي أوحى إليه بها، إنها البينة التي يعرفها علماء عصرنا سواء كانوا من علماء الفلك أو من علماء البحار أو من علماء الجيولوجيا أو من أي مجال من مجالات التخصصات التي يعرفها علماء عصرنا اليوم من المجالات التي ذكرها القرآن الكريم أو أشارت إليها السنة النبوية المطهرة. إن البروفيسور شرويدر بكل ثقة بعد أن سمع ما سمع يتكلم عن هذا الأمر فيقول:البروفيسور شرويدر: ليس هناك علم في جانب ودين في جانب آخر. ليس هناك أناس لا يتكلمون إلى بعضهم البعض ولكنهم جميعاً يسيرون في اتجاه واحد إنهم يقولون نفس الشيء في لغة مختلفة في لغة علمية جداً في لغة مجردة جداً في لغة الآيات كما عبر عنها الشيخ.

الشيخ الزنداني: إنه يطالب جلياً وبوضوح أن يقدم هذا للعالم جميعاً وللناس جميعاً وللعلماء خاصة في مجامعهم العلمية بكل لغاتهم ليفهموا هذه الظاهرة وليتبين لهم العلاقة الحقيقية بين الدين والعلم.نعم، إنه الدين الذي سلم من التحريف. والعلم الذي يكون صحيحاً لا بد أن يتفقا ولا بد أن يحث الدين الصحيح على العلم الصحيح كما هو الأمر في الإسلام.﴿هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾ (سورة الزمر، الآية:9).﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله﴾ (سورة محمد، الآية:19).﴿قل انظروا ماذا في السماوات والأرض﴾ (سورة يونس، الآية:101).﴿إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين. وفي خلقكم وما يثبت من دابة آيات لقوم يوقنون. واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون. تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون﴾ (سورة الجاثية، الآية:3-6).الدين يحث على العلم ويأمرنا أن ننظر في الكون من حولنا والعلم يحني رأسه إجلالاً لهذا الدين الحق وهكذا نحن في عصر جديد بإذن الله عصر اللقاء بين الدين والعلم بل التضافر بين الدين والحق والعلم الصحيح لتظهر البينة ولتتجدد في هذا الزمان بلغة يفهمها أهل هذا العصر.


 

 ﴿ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد﴾(سورة سبأ، الآية:6).

مقتطفـــات

يتضح لي أن هذه الأدلة حتماً جاءت لمحمد من عند الله. وهذا يثبت لي أن محمداً رسول الله.

(كيث مور)

حان الوقت لأن أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

(تاجاتات تاجاسون).

ولكن الوسائل العلمية الحديثة الآن في وضع تستطيع أن تثبت ما قاله محمد صلى الله عليه وسلم منذ 1400 سنه.

(كرونر).

ولذلك إني لا أرى شيئاً يتضارب مع مفهوم أن التدخل الإلهي كان مشمولاً فيما كان باستطاعته أن يبلغه.

(مارشال جونسون)

إنني متأثر جداً باكتشاف الحقيقة في القرآن.

(يوشيودي كوزان).

أعتقد أنه لا يوجد خلاف بين المعرفة العلمية وبين الوحي، بل إن الوحي ليدعم أساليب الكشف العلمية.

(جولي سمسون).

أعتقد أنه لا بد وأن يكون من الله.

(هاي).

إنني لا أجد صعوبة في أن أوافق في عقلي أن هذا الإلهام إلهي أو وحي قاده إلى عرض القضايا.

(برسود).

إذا لم يكن هناك سجل كهذا فإن هذا يقوي الاعتقاد بأن الله قد أرسل من خلال محمد صلى الله عليه وسلم مقادير من علمه اكتشفناها فقط في الأزمنة الحديثة إننا نتطلع إلى حوار مستمر في موضوع العلم في القرآن في سياق الجيولوجيا.

(بالمار).

قد يكون هناك شيء فيما وراء فهمنا كخبرة بشرية عادية ليشرح الكتابات التي رأيناها.

(آرمسترونج).

من الصعب أن نفترض أن هذا النوع من المعرفة كان موجوداً في ذلك الوقت منذ 1400 سنة هجرية ولذلك فمن المؤكد أن هذا ليس علماً بشرياً.

(راو).

ولذلك فقد فكرت في قوة خارقة للطبيعة خارج الإنسان لقد جاءت المعلومات من مصادر خارج الطبيعة البشرية.

(راو).

ما قيل بالفعل منذ عديد من السنين في القرآن الكريم هو حقيقة ما يكشفه العلماء اليوم أعتقد أنه من المهم بالنسبة لندوة كهذه أن تبلغ هذا إلى العلماء من جميع الأمم. في أديان كثيرة نجد أن القادة يظنون أن العلم يستطيع أن يأخذ شيئاً من الدين.

إذا كان العلم يتقدم فإن على الدين أن يتقهقر .هنا لدينا تناول مختلف تماماً.

(شرويدر).
 (الإضافات المكملة)

الشيخ الزنداني: إن هذه هي البينة المتجددة الحية الباقية. هذه هي المعجزة الدائمة بين أيدينا إلى قيام الساعة. نظر فيها البدوي في الصحراء قبل 1400 عام فوجد فيها علماً إلهياً عرفه بربه وشهد له بصدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وينظر فيها اليوم علماء عصرنا في شتى المجالات الكونية فيجدون ذلك العلم الإلهي يدلهم كذلك ويشهد لهم بأنه من عند خالق الكون ويشهد لهم كذلك بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم وقد رأينا طائفة من هؤلاء العلماء فمنهم من رأيناه يشهد أن هذا العلم لا يمكن أن يكون من مصدر بشري.البروفيسور درجا راو: من الصعب أن نفترض أن هذا النوع من المعرفة كان موجوداً في ذلك الوقت منذ 1400 سنة هجرية ولكن بعض الأشياء تتناول فكرة عامة ولكن وصف هذه الأشياء بتفصيل كبير أمر صعب جداً ولذلك فمن المؤكد أن هذا ليس علماً بشرياً بسيطاً.الشيخ الزنداني: ومنهم من قال إن هذا العلم لا يمكن إلا أن يكون من وراء هذا الكون.

البروفيسور آرمسترونج: قد يكون هناك شيء فيما وراء فهمنا كخبرة بشرية عادية ليشرح الكتابات التي رأيناها.

البروفيسور درجا راو:ولذلك فقدفكرت في قوةللطبيعةخارج الإنسان.لقد جاءت المعلومات من مصدر خارق للطبيعة.

الشيخ الزنداني: ومنهم من تقدم بدون وجل ليقرر بأن هذا العلم لا يمكن أن يكون إلا من الله خالق هذا الكون.

المناقش: ممن إذا يأتي في اعتقادك أصل أو مصدر هذه المعلومات.

البروفيسور هاي: أعتقد أنه ولا بد أن يكون من الله.

البروفيسور كرونر:ولكن الوسائل العلميةالحديثةالآن في وضع تستطيع فيه أن تثبت ما قاله محمد r منذ 1400 سنة.

البروفيسورمارشال جونسون:ولذلك إنني لاأرى شيئاً يتضارب مع مفهوم أن التدخل الإلهي كان مشمولاًفيما كان باستطاعته أن يبلغه

البروفيسور شرويدر: ما قيل بالفعل منذ عديد من القرون في القرآن الكريم هو حقيقة ما يكشفه العلماء اليوم.

البروفيسور برسود: إنني لا أجد صعوبة في أن أوافق في عقلي أن هذا الإلهام إلهي أو وحي قاده إلى عرض القضايا.

الشيخ الزنداني: ومنهم من أكمل شهادته فقال:

البروفيسور كيث مور: ويتضح لي أن هذه الأدلة حتماً جاءت لمحمد من عند الله. لأن كل هذه المعلومات لم تكتشف إلا حديثاً وبعد قرون عدة وهذا يثبت لي أن محمداً رسول الله.

الشيخ الزنداني: ومنهم من أعلن شهادة الإسلام فقال:

البروفيسور تاجاتات تاجاسون: أعتقد أنه حان الوقت الآن لأن أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

الشيخ الزنداني: نعم، إنها المعجزة الباقية بين أيدينا يقول الله جل وعلا:﴿قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ﴾ (سورة الأنعام،الآية:19) ومن بلغ إليه هذا القرآن فهو أيضاً يحمل الشهادة ويحمل الإنذار وطبيعة هذه الشهادة هي تلك الشهادة العلمية التي تضمنتها كل آية في كتاب الله فكل آية تحمل علماً إلهياً والعلماء عبر القرون يتقدمون في علومهم في شتى المجالات فما من عصر إلا ويكتشف أهله علماً جديداً موجوداً في هذا الكتاب قال تعالى: ﴿لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه﴾ (سورة النساء، الآية:166).إنها المعجزة التي تتجدد لأهل كل عصر بما يناسبهم قال تعالى: ﴿لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون﴾ يقول ابن جرير الطبري في تفسير هذه الآية ﴿لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون﴾ (سورة الأنعام، الآية: 67) قال: لكل خبر مستقر: يعني قرار يستقر عنده ونهاية ينتهي إليها فيتبين حقه وصدقه من كذبه وباطله ﴿وسوف تعلمون﴾ يقول وسوف تعلمون أيها المكذبون بصحة ما أخبركم به (تفسير الطبري 7/327) وقال ابن كثير أيضاً في تفسير هذه الآية قال ابن عباس وغير واحد أي لكل نبأ حقيقة أي لكل خبر وقوع ولو بعد حين كما قال تعالى: ﴿ولتعلمن نبأه بعد حين﴾ (سورة ص، الآية: 88)(1).هذا الذي رأيناه هو ما فهمه المفسرون من وعود القرآن بأن هذا سيكون، وهذا ابن حجر في فتح الباري يشرح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام: "ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلى فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة"(2).قال ابن حجر في شرح هذا الحديث: ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة وخرقة للعادة في أسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيبات فلا يمر عصر من الأعصار إلا ويظهر فيه شيء مما أخبر به أنه سيكون يدل على صحة دعواه. ثم قال: فعم نفعه من حضر ومن غاب ومن وجد ومن سيوجد. يقول الله جلا وعلا: ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق﴾ (سورة فصلت، الآية:53).هذا وعد من الله سبحانه وتعالى بأن هذه المعجزة المتجددة في هذا الكتاب الكريم ستبقى دائماً للناس ظاهرة بينة جلية في الآفاق تشهد بصدق هذا القرآن وتشهد أنه هو الحق وأنه من عند الله سبحانه وتعالى. قال المفسرون في تفسير هذه الآية هذه المعاني وداروا حولها، فقال الشوكاني: ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق﴾ قال: سنريهم صدق دلالات صدق القرآن الكريم وعلامة كونه من عند الله في الآفاق وفي أنفسهم(3).وقال ابن كثير في قوله تعالى: ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم﴾ أي سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على كون القرآن حقاً منزلاً من عند الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم بدلائل خارجية في الآفاق(4).وقال الزمخشري في تفسيره: ومعناه أن هذا الموعد من إظهار آيات الله في الآفاق وفي أنفسهم سيرونه ويشاهدونه فيتبينون عند ذلك أن القرآن تنزيل عالم الغيب الذي هو على كل شيء شهيد أي مطلع ومهيمن يستوي عنده غيبه وشهادته فيكفيهم ذلك دليلاً على أنه حق وأنه من عنده(5).وقال أبو العباس ابن تيمية في الفتاوى: وأما الطريق العياني فهو أن يرى العباد من الآيات الأفقية والنفسية ما يبين لهم أن الوحي الذي بلغته الرسل عن الله حق كما قال تعالى: ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق﴾(سورة فصلت، الآية:53)(6) فهذا الذي تجلى ويتجلى في كل عصر من بينات القرآن المتجددة هو ما وعدنا به القرآن وفهمه السلف، وفهمه المفسرون، ويتوقع المسلمون والأجيال المتعاقبة أن معجزة هذا القرآن وأن بينة هذا القرآن تتجدد زمناً بعد زمن وجيلاً بعد جيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.فهذه الأمور ليست مفاجئة وهذه المعجزة العملية التي تجلت في عصرنا ليست مسألة مفاجئة، ما كان المسلمون يعلمونها ولا كان المفسرون يتوقعونها بل وعد القرآن بها ووعد بها الرسول صلى الله عليه وسلم وفهمها المفسرون فجاءت محققة مصدقة لوعد الله ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق﴾(سورة فصلت، الآية:53) وأخبار القرآن عن هذه الأمور الكونية تشمل ثلاثة أوجه.الأول هو أن هذا القرآن الكريم يخبر بالأمر الذي وقع في بداية الخلق في الماضي ويخبر بالأسرار التي يقوم عليها الكون وتقوم عليها المخلوقات الآن ويخبر فوق ذلك عن مستقبل الإنسان ومستقبل الكون، لأن علم الماضي والحاضر والمستقبل سبحانه وتعالى فكتابه اشتمل على هذا كله. وكما أننا رأينا في عصرنا الآن ما كان يسمعه آباؤنا وأجدادنا فقط عن بعض الحقائق الكونية. كانوا يسمعون عن البرزخ بين البحرين ﴿مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان﴾ (سورة الرحمن، الآية: 19-20) يعلمون أن هناك برزخاً ولا يشاهدونه، يعلمون أن هناك علقة ومضغة وعظاماً في خلق الجنين ولا يعرفونها، يعلمون أن هناك ظلمات في البحار العميقة ولم يشاهدوها. كان القرآن يخبر بها وكثير مما كشفه العلم اليوم لنا كان محجوباً لا يرى كان يسمع فقط في كتاب الله فأصبح اليوم مرئياً لنا ومشاهداً. نفس الكتاب يقص علينا خبر المستقبل ويواصل معنا الرحلة إلى يوم القيامة إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وإلى أن يدخل أهل النار النار. يقول الله جل وعلا في قصة خلق الإنسان التي مرت بنا. ﴿ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين﴾ "آدم بداية الخلق الأول" ﴿ثم جعلناه نطفة في قرار مكين﴾ هذا الخبر الذي يجري الآن ونشاهده ﴿ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين﴾ (سورة المؤمنين، الآية: 12-14).هذا كان من الأمور الغيبية التي لا تعرف، الناس لا يعرفون ما يدور في الرحم فكشفت في عصرنا ورأيناها لكن الآية لا تقف عند هذا الحد بل تتعداه ﴿ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون﴾ (سورة المؤمنين، الآية: 15-16) فكما رأينا العلقة التي ما كانت ترى ورأينا المضغة التي لم تكن ترى ورأينا كيف تمت هذه الأطوار وما كان أحد يشاهدها سنرى الأطوار القادمة من قصة حياتنا سنراها حقاً كما رأينا تلك الأطوار حقاً كما رأينا العلقة حقاً والمضغة حقاً والعظام حقاً كما رأينا هذا كله حقاً سنرى الجنة حقاً والنار حقاً وسنرى البعث حقاً وسنرى ذلك كما قال الله سبحانه وتعالى:﴿ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون. قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون. إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون فاليوم لا تظلم نفس شيئاً ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون. إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون. هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون. لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون﴾ (سورة يس، الآية:51-57).نعيم عظيم ويأتيهم بعد ذلك سلام ممن؟ وما هو أبالإشارة أم بالكتابة؟ "سلام قولاً" إنه بالقول ممن؟ "من رب رحيم" ﴿قولاً من رب رحيم﴾ (سورة يس، الآية:58) هذا حال أهل الجنة وعندما يلتقي أهل الجنة في الجنة يتذاكرون أحوال الدنيا فيقول قائلهم ﴿أفما نحن بميتين. إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين. إن هذا لهو الفوز العظيم. لمثل هذا فليعمل العاملون﴾ (سورة الصافات، الآية:58-61).إذا دخل أهل الجنة الجنة ورأوا ما فيها من نعيم مقيم.كما قال تعالى: ﴿إن للمتقين مفازاً. حدائق وأعناباً وكواعب أتراباً(7) وكأساً دهاقاً. لا يسمعون فيها لغواً ولا كذاباً. جزاءً من ربك عطاءً حساباً. رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطاباً﴾ (سورة النبأ، الآية:31-37).سنرى هذه الحقائق التي أخبر بها الكتاب إنه نفس الكتاب الذي أخبر بتلك المعجزات التي أذعن لها علماء عصرنا. إنه الكتاب الذي يتجاوز بالبشرية حواجز الزمن ويكشف لهم آفاق مستقبلهم الذي إليه يسيرون سنرى هذه الآيات في هذا الكتاب التي تخبرنا عن مستقبلنا حقاً كما رأينا آيات هذا الكتاب التي تخبرنا عن كوننا وأنفسنا كما رأيناها حقاً.أهل الجنة أهل النعيم المقيم ﴿إن المتقين في جنات وعيون. آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين﴾ (سورة الذاريات، الآية:15-16)."وأزلفت الجنة" قربت الجنة ﴿وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد. هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ. من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب. ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود. لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد﴾ (سورة ق، الآية:31-35).أي والله سنرى هذا حقاً كما رأينا آيات هذا الكتاب عبر القرون حقاً وأما أهل النار فسوف يرون كذلك النار حقاً كما قال تعالى: ﴿ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحاً إنا موقنون﴾ (سورة السجدة، الآية: 12)الآن يعترفون: أرجعنا إلى الدنيا يا رب وسترانا نعمل الصالحات قد أيقنا، لا ينفعهم ذلك، لا ينفعهم أن يندموا وقالوا في آية أخرى كما حكى الله جل وعلا عنهم:﴿وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير﴾ لو كنا نسمع هذا القرآن أو نعقل ما فيه وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل نستفيد من سمعنا وعقولنا وأبصارنا لو كنا نستفيد من ذلك . ﴿وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السعير﴾(سورة الملك، الآية:10-11).ويقول الله عنهم: ﴿إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب﴾ (سورة النساء، الآية:56) هل يرتاحون من هذا العذاب.﴿لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور﴾ (سورة فاطر، الآية:36).وعندئذٍ يتنادى أصحاب الجنة وأصحاب النار فينادي أصحاب الجنة أصحاب النار كما قال تعالى:﴿ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً﴾.نحن والله قد رأينا الذي كان يخبرنا به الله في هذا القرآن من أوصاف الجنة ونعيمها قد رأيناه حقاً. فأنتم يا أهل النار هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ هل وجدتم ما أخبر به هذا الكتاب حقاً؟﴿قالوا نعم. فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين﴾ (سورة الأعراف، الآية:44).نعم وعندئذٍ يحمد المؤمنون لأنفسهم هذه العاقبة ويحمدون الله جل وعلا ويقولون:﴿الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين﴾ (سورة الزمر، الآية: 74).فنعم أجر العاملين بهذا الكتاب، فنعم أجر العاملين، لا النائمين، لا الكسالى، لا العجزة، فنعم أجر العاملين: فهيا إلى هذا الكتاب نقرؤه ونتدبره ونفهم معانيه وهيا إلى هذا الكتاب لنطبقه ولنعمل به لنكون من أهل الجنة من الفائزين.فهذه بينة قائمة شاهدة تقطع الشبهات ﴿لقد أرسلنا رسلنا بالبينات﴾ (سورة الحديد، الآية:25).وهذه هي البينة الكبرى أيد الله بها محمداً r لتقوم بالرسل الحجة والبينة كما قال تعالى:﴿رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل﴾(سورة النساء، الآية:56).والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمدوعلى آله وصحبه .


 تساؤلات مهمة

السائل: فضيلة الشيخ هناك بعض تساؤلات كيف فهم السلف والمفسرون هذه الآيات المتعلقة بالعلوم الكونية؟

الشيخ الزنداني: أنت تسأل الآن عن تأويل القرآن وتفسير القرآن. التأويل جاء في القرآن بمعنيين، المعنى الأول: التفسير. أي بمعنى فهم مفردات الألفاظ وفهم تراكيب الجمل لأن هذه لغة عربية فصيحة كما كان ذلك يتضح في دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس عندما قال: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل"(8) معنى علمه التأويل: أي تأويل معرفة المعاني التي نزل بها القرآن وهذا هو نفس الفهم الذي عند السلف ابن جرير الطبري وغيره يقولون: "ويقول أهل التأويل" أي أهل التفسير. فالآية معناها واضح لنأخذ لذلك مثالاً قول الله جل وعلا: ﴿مرج البحرين يلتقيان﴾ "مرج" يعني خلط "البحرين" معلوم إذا أطلق البحر دل على الماء المالح "يلتقيان" واضح "بينهما برزخ" أي بينهما حاجز "لا يبغيان" أي: يطغى أحدهما على الآخر، هذه الجملة بتراكيبها وألفاظها معلومة عند المفسرين وعند السلف لكن هناك شيء آخر: حقيقتها، كيفيتها في الواقع. هذه الكيفية وهذه الحقيقة كثير من الآيات لا تعرف كيفيتها وحقائقها إلا مع مرور الزمن كما قال تعالى:﴿بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله﴾ (سورة يونس، الآية:39).أي لما يأت بيان كشفه، ومنها ما قاله تعالى عنه:﴿ولتعلمن نبأه بعد حين﴾ فما هو هذا النبأ؟ النبأ المقصود هنا والتأويل المقصود هنا: هو التحقيق كما قال يوسف عليه السلام. يوسف رأى رؤيا منامية وقصها على أبيه فلما تحققت ورأى أمه وأباه وإخوانه بين يدي عرشه قال:﴿هذا تأويل رؤياي من قبل﴾ (سورة يوسف، الآية100).تأويل أي تحقق هذه الرؤيا. تأويل أو تحقق فإذاً المعاني القرآنية جاءت إلينا بألفاظ وبتراكيب عربية ﴿قرآناً عربياً غير ذي عوج﴾ (سورة الزمر، الآية:28).معاني هذه الآيات تفسير هذه الآيات، تفسير هذه الجمل معروف معلوم ولذلك فإن جميع المفسرين ليس هناك آية من آيات القرآن إلا وقد فسروها، لكن هناك آيات سيفسرها الزمان وآيات لا يعلمها الناس إلا عند مشاهدتهم لها سواء في الدنيا أو يوم القيامة كما قال تعالى: ﴿وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها﴾ (سورة النمل، الآية:93).فالمعرفة هنا ما هي؟ معرفة التحقيق والكيفية، ولذلك فإن موقف العلماء المحققين في هذا الأمر أن صفات الله معلومة نعرف اللفظ ونفهمه مثل ﴿الرحمن على العرش استوى﴾ (سورة طه، الآية:5).نحن نعرف معنى الاستواء، ولكن الكيف مجهول. فالمعاني والألفاظ معلومة، والسلف الصالح والمفسرون السابقون رضوان الله عليهم عرفوا المعاني، وعرفوا التراكيب، وعرفوا الألفاظ، ومنهم نقلنا هذه العلوم، وعندما تنكشف هذه الحقائق تستقر تلك المعاني وتتجلى، كما قال تعالى:﴿وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها﴾.فإذاً التأويل يأتي بمعنيين: بمعنى فهم التفسير اللغوي والتراكيب وهذه معلومة عند السلف واضحة جلية، والثاني: بعض الآيات ما يعرف فيها تحققها ووقوعها. بل هنا آيات في القرآن لا نعرف حقائقها وكيفياتها لا أنا ولا أنت ولا من هو عائش الآن ولا كل من يوجد على وجه الأرض إلى قيام الساعة لا نعلم إلا إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. فإذا دخل أهل الجنة الجنة قالوا الحمد لله هذا ما وعدنا الله.﴿وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده﴾ (سورة الزمر، الآية:74).والكفار يرون ذلك ويقول أهل الجنة لأهل النار ﴿أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً﴾ (سورة الأعراف، الآية:44) هذه هي الحقيقة كنا نعرفها معنى فأصبحت هي الحقيقة ﴿فهل وجدتم ما وعد ربك حقاً﴾ (سورة الأعراف، الآية:44).إذاً معرفة اللغة ومعرفة التحقق، والتحقق يدخل تحته الكيف والتفصيل. فالكيفيات والتفاصيل هذه هي التي لم تكن معلومة. ومع ذلك فإن للمفسرين جهوداً مشكورة رضي الله عنهم وأرضاهم. من منطلق هذه الآيات القرآنية اجتهدوا في فهم الكيفيات التي أسعفتهم بها علوم عصرهم فوصلوا إلى تقرير عدد من الحقائق العلمية قبل اكتشافها.مثلاً ابن عباس رضي الله عنهمايقول:﴿أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما﴾(سورة الأنبياء،الآية:30)يقرركانتا ملتصقتين متصلتين ففصلتا قبل أن يكتشف الناس هذه الحقائق.فإذا كان لهم جهد عظيم. وقل أن تجد من المفسرين من لم يشر ولو بطريقة قريبة إلى ما كشف عنه العلم في هذا الزمان. نادراً ما يكون هذا لأنهم كانوا أهل جد وأهل بحث وأما نحن الآن فقد أصبح عندنا شيء زائد وهو تحقق الأمر مشاهدة الشيء وليس معنى ذلك أننا أفضل منهم، لا، هم أفضل منا وأعلم، وعنهم ننقل هذه العلوم ولكن نحن شاهدنا فقط. مثل أن يأتي شخص يدخل إلى مكان يرى هناك ظلاماً في هذا المكان ثم تقول له وهو في الظلام صف لي هذا المكان؟فيحاول أن يصف من بعض أوصافك ثم بعد قليل تضيء المصباح في هذا المكان فيتجلى له،ويأتي طفل فتقول له:صف لي هذا المكان فيصف هذا الطفل أحسن من الأول،الذي في ظلام لا يتيسر له ذلك،فنحن تيسر لنا هذا، بل الكفارسيكونون أعلم بحقائق النارمنا الآن،لأنهم سيذوقونها وسيعلمون معانيها فهل هم أفضل منا الآن،لا،ليسوا بأفضل وإنما انكشف لهم ما كان مخفياً.

السائل: إذاً ما هو الضمان من تغير هذه المعاني العلمية مع تقدم الاكتشافات؟

الشيخ الزنداني: هذا سؤال دائماً يسأله كثير من الناس. الآن جاءت كشوف علمية فقد تأتي كشوف علمية أخرى تعطي معاني غير هذه التي تقولون، والعلم يتبدل، وخاصة النظريات المتقلبة والمتبدلة. نقول: إن الضمان موجود في كتاب الله يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم﴾ فربط ذلك بالرؤية والمشاهدة معاً. الأمر إذا أصبح مرئياً مشاهداً هو الضمان. فالضمان رؤيته ومشاهدته مثلاً البرزخ بين البحرين أصبح الآن مرئياً مشاهداً يصور بالأقمار الصناعية ويقاس، فمهما تقدم العلم أسيأتي العلم ويقول لا غير موجود؟ أنا لا أخشى. الآن بيدي هذا المصحف. وها أنا ذا أمامك، هذا مصحف بين يدي أنا لا أخشى أن يتقدم العلم ويثبت أن هذا ليس مصحفاً إنه مصحف أصبح مشاهداً فالمقياس ضمنه الله لنا في كتابه الكريم:﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد﴾﴿وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها﴾.فما كان مرئياً أو في حكم المرئي بالأدلة العلمية القطعية هو الذي نقول به وعلى هذا فنحن نتكلم عن الحقائق العلمية القطعية لا على النظريات المتبدلة.

السائل:فضيلة الشيخ هناك تساؤل آخر لماذا لا يتكلم المسلمون عن الحقائق الكونية المذكورةفي القرآن والسنة إلا بعد اكتشاف غير المسلمين لها؟الشيخ الزنداني: نقول هذا عيب في المسلمين وليس في الإسلام وليس في العلم قلت لك: إن المفسرين إذا رجعت إلى كتبهم ستجد عجباً ستجد أن المفسر في القرن الأول أو في القرن الثاني يتحدث عن حقائق الكون وكأنه خبير، يعني هضم علوم عصره وفهم كل ما هو متيسر ليشرح بها هذه الآية المتعلقة بهذا العلم الكوني وترى كثيراً من العجب في أوصافهم مهتدين بالكتاب والسنة. فعندما كانت الريادة العلمية والدينية بيد المسلمين كانوا هم أهل هذا السبق، ولكن لما نام المسلمون تخلفوا. الله يأمرهم في القرآن بالنظر ﴿قل انظروا ماذا في السماوات والأرض﴾ (سورة يونس، الآية:101).ولا أحد منهم ينظر ويتفكر، جاءت فترة من الفترات تركوا هذا للمنجمين والمشعوذين، وغيرهم من الكفار ينظر ويتأمل. فمن الذي سيعرف الحقائق؟ الذي ينظر أم الذي لا يرى؟ الله يأمرهم بالعلم فسبقهم غيرهم به. فنقول هذا نقص كائن في المسلمين ولكن إذا بارك الله في نهضة المسلمين الآن فنتوقع أنهم سيسبقون إن شاء الله، ومثال على ذلك الدكتور أحمد القاضي. الدكتور أحمد القاضي في أمريكا وهو من أطباء المسلمين ومن أطباء العالم المشهورين قرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحبة السوداء شفاء من كل داء"(9) فقال: إذاً الحديث يتكلم عن شيء له علاقة بجميع الأمراض؟ لعله: جهاز المناعة؟ إذاً فما تأثير الحبة السوداء على جهاز المناعة. فقام بتجاربه ودراساته وإذا بالنتيجة تظهر جليلة له ويسبق بها غيره من الكفار في أمريكا، في قاعدة المدنية، يسبقهم ويجعلهم وراءه. ويقول: هذه مادة ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لها دور في تقوية جهاز المناعة. وشفاء "لا تعني كل الشفاء" فأي قدر من الشفاء يتحقق فهو المقصود في هذا الحديث أي قدر سواء كان كبيراً أو قليلاً.وجهاز المناعة إذاً يستفيد فائدة قوية من الحبة السوداء.فإذاً المسألة عندنا نحن، ولكن هل هذا يسقط حجتنا على الناس بهذه الآيات؟ نقول: لا، إن الحجة تبقى أقوى لأن الكافر –غير المسلم- إذا اكتشف هذه الحقيقة اكتشف أن للجبال جذوراً وأن الجبال كالأوتاد وأن هناك برزخاً بين البحار وهو صورها وجاء بها فتكون الحجة للمسلمين أقوى والبينة أعظم، لأن الذي قدم هذه الكشوف غير مسلم لا يدري ماذا في القرآن ولا يعلم ماذا في الكتاب الكريم، فتكون بذلك الشهادة أجلى وأوضح. لو أن مسلماً هو الذي قرر هذا وسبق في تقرير هذا، لربما قال بعض الناس: إنه عدلها. هذبها، صاغها لتكون مناسبة، ولكن إن اكتشفها الكفار فإن الحجة تبقى باقية. بل إني لألمح من الخطاب أن الحجة تقوم على الكفار بمعرفتهم لهذه الحقائق لأن الله يقول ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق﴾ أي أن الذين لم يتبين لهم أن القرآن هو الحق ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق﴾ أي أن هذا القرآن هو الحق فتبين الكفار لهذه الحقائق وبيانها ووضوحها في كتاب الله الكريم وتقريرها هذا يتحقق به الشهادة بأن هذا القرآن من عند الله، يكتشفه من يكتشفه، اكتشفه مسلم أم اكتشفه غير مسلم فالحجة باقية والحقيقة قائمة.والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.   


(1) انظر تفسير ابن كثير 2/23.(2) انظر صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن مع شرحه فتح الباري9/3-7.(3) فتح القدير 4/523. (4) تفسير ابن كثير 4/157.(5) انظر الكشاف 3/396.(6) انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 14/189.

(7) كواعب أتراباً: الحوريات.(8) رواه أحمد في المسند 1/266. والجملة الأولى منه في صحيح البخاري في كتاب الوضوء حديث143.

(9) متفق عليه رواه البخاري في الطب ومسلم في السلام.

 

 

http://www.aliman.org