الأمــــــــــة الأبـــــيــــــــــــــة

الشيخ محمد صالح المنجد

 

 

 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على النبي الأمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

أيها الإخوة أيتها الأخوات : إن أمتنا هذه ، أمةٌ أبيَّةٌ ولله الحمد ، إنها أمةٌ لا ترضى الذل والهوان ، إنها أمةٌ تقاوم الذي يريد الاعتداء على مقدساتها وعقيدتها ، إن هذه الأمة فيها خيرٌ عظيم ، قال النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ [ مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خيرٌ أم آخره ] رواه الترمذي وقال الحافظ حديث حسن .

فالخير باقٍ في هذه الأمة ، كما كان من أولها ، فكما أن الدين كان محتاجاً إلى أول هذه الأمة لإبلاغة ، وكذلك هو محتاجٌ إلى القائمين به في آخر هذه الأمة ، والفضل للمتقدم قطعاًَ ، كما أن الزرع محتاجٌ إلى المطر الأول ، وإلى المطر الثاني ، ولكنَّ احتياجه إلى الأول آكد ، فإنه لولاه ما نبت في الأرض ولا تعلق أساسه فيها . ابن كثير رحمة الله .

قال شيخ الإسلام : ومعنى الحديث أنه يكون في آخر الأمة من يقارب أولهم في الفضل ، وإن لم يكن منهم ، حتى يشتبه على الناظر أيهما أفضل ، وذلك لأنه قال : لا يدرى أوله خيرٌ أم آخره . حتى يشتبه على الناظر أيهما ، وذلك لأنه قال : لا يدرى أوله خيرٌ أم آخره . ومن المعلوم أن الله يعلم ، أيهما خير ، وهذا فيه بشارةٌ عظيمةٌ لنا ، بأن الخير موجودٌ في هذه الأمة ، إلى قيام الساعة ، ألا ترى أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم رحمة الله : [ لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله فيهم وهم كذلك ] فهذه الطائفة المنصورة باقية إلى قيام الساعة ، تنافح عن دين الأمة ، تنافح عن عقيدة هذه الأمة ، تنافح عن شريعتها ، وعن أحكام ربها ، وعن مقدساتها ، بالسنان واللسان ، لا يضرهم من خالفهم ، حتى تقوم الساعة . قال النووي رحمه الله : في بيان أنه لا يلزم من هذه الطائفة أن تكون واحدة ، أو أن يكون واحداً قائماً بجميع الدين ، بل يمكن أن تكون الطائفة جماعةً متعددةً من أنواع المؤمنين ، ما بين شجاعٍ وبصيرٍ بالحرب وفقيهٍ ومحدثٍ ومفسرٍ وقائمٍ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وزاهدٍ وعابد ، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين في بلدٍ واحد ، بل يجوز اجتماعهم في قُطْرٍ واحد ، وافتراقهم في أقطار الأرض ، ويجوز أن يجتمعوا في البلد الواحد ، وأن يكونوا في بعضٍ منه دون بعض ، ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم ، أولاً فأولاً ، أي أنهم يقلون ، إلى أن لا يبقى إلى فرقة واحدة ، ببلدٍ واحد ، فإذا انقرضوا جاء أمر الله ، يعني قامة الساعة .

    هذه الأمة لا يزال الله يغرس فيها غرساً ، إلى يوم القيامة ، لا يزال الله سبحانه وتعالى ، يظهر فيها من يظهر دينه ، قال عليه الصلاة والسلام :[ لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته ] رواه أحمد . وهو حديث صحيح .

[ ويبعث لها على رأس كل مائة سنة ، من يجدد لها دينها ] حديث صحيح . يحيي من درس من الكتاب والسنة ، يدافع وينافح ، يبين الحق ويظهره ، يرد على أهل البدعة ، يرد على أعداء الدين ، وهكذا ظهرة في الأمة ، عمالقةٌ وجبال ، كلما مات سيدٌ قام سيدٌ ، وهكذا يتوالون ، والحمد لله بلا انقطاع ، وأنت ترى في هذا الزمان ، ولله الحمد ، من لا يزال ينافح عن الدين ، يرد على الأعداء ، ويصد كيدهم ، إن الإسلام كالشمس ، إن غربت من جهةٍٍ طلعت من أخرى ، فلا تزال طالعة ، وهذه الأمة ، قادرة ولله الحمد ، على الدفاع عن دينها ، إنهم يعملون بلا هوان ، (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:139) ، إنهم يشعرون بالعزة ، التي تولدها فيهم هذا العقيدة ،(وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ )(المنافقون: من الآية8) ، من اسم الله العلي : يستعلون على أعدائهم ، ويستمدون من العلي سبحانه وتعالى ، علوهم على غيرهم من أهل الأرض ، فأهل الحق ظاهرين ، ولله الحمد ، فأهل الحق ظاهرون ولله الحمد ، على من ناوأهم ، يكبتون من عاداهم ، ويسكتون من أراد أن يخرج على دينهم ، وكلما ظهرت بادرة من بوادر الشر ، قام لها واحدٌ يتصدى فأكثر ، من المسلمين ، ولما حاول أحد الذين يثيرون الشبهات ، في أول هذه الأمة ، أن يطوف بالمجالس ، ويسأل عن متشابه القرآن ، وسمع عنه عمر بن الخطاب ـ t ـ فدعاه وقد أعد .... النخل ، فسأله من أنت ؟ من أنت ؟ فأخبره باسمه ، فقال عمر : وأنا عبدالله عمر ......... على رأسه حتى سالة الدماء ، فقال حسبك يا أمير المؤمنين ، فقد ذهب الذي في رأسي ، وهكذا نفى صبيغَ بن عسلٍ ، خارج البلد ، إلى مكان بعيد ، حتى حوصر نفسياً ، فجعل يلتمس عن طريق ، أمير البلد ، من عمر ......... أن يفك عنه الحصار ، لأنه قد أمر الناس ....... لما ظهر أول أوائل الخارجية ، قام عبدالله ......... كثير من الصحابة .......... ، ولما خرج الخوارج قام علي بن أبي طالب وعبدالله بن عباس ، ولما قامت المعتزلة ، قام الإمام أحمد والبُوَيْصِي ، وغيرهم من أهل العلم ، يردون عليهم ، وهكذا أحمد بن نصر الخزاعي ، وطائفة من الأمة ، كلما رأيت لا يسكتون ، وأُلِفت المؤلفات الكثيرة ، في الرد على أعداء الدين ، وهكذا حتى ... الأعداء قد أصابهم الذل والهوان , لأنهم لم يُفْلحوا في طمس نور هذا الدين ، ولا يزال نوره قائماً ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشروكون ، ولوكره الكافرون ، وعندما ظهرت فرق أهل الشرك في هذه الأمة , قام أهل العلم بالرد عليهم , وقامت الحركات التجديدية , وقام أهل الجهاد في هذه الأمة , بالصد والرد , وهكذا تتوالا حلق الصراع بين الحق والباطل , وكل كيد الأعداء , في ظلال , (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً) (الفرقان:23) , وصار بعض هذه الأمة يعبد الأوثان , والقبور على الأضرحة , ويستغيث بالموتى من دون الله , ويتمسح بالقبور والأشجار والصخور ويطاف بها , وتعبد من دون الله , فقيض الله لهذه الأمة , من قام ليعيدها إلى التوحيد , ويبين للناس هذه الأعمال الشركية , وكلما قامت طائفة من أهل الشرك , على القبور , يدعون من دون الله , ويستغيثون بالأموات , تقوم طائفة من أهل الحق , بالرد عليهم , ويتحملون في سبيل ذلك ما يتحملون ما الأذى , إن روح المقاومة في هذه الأمة , فعلاً روحٌ عجيبة , تدعوا للإعجاب والفخر , لقد قامت الشيوعية , وعدوات القومية , والاشتراكية , والوجودية , وأنواع الإلحاد , والحداثة , وقيض الله في هذه الأمة , من يقوم بالرد عليهم , وبيان كفرهم , وصريح باطلهم , ولم يكن الأمر خاصَّاً بالعلماء , بل من طلبة العلم والدعاة , بل من عامة الناس , يرفظون الأجنبي عن هذه العقيدة , والأجنبي عن الدين , يرفظون كل ما هو أجنبي عن هذا الدين , ومن الأمثلة على ذلك في واقعنا المعاصر , لما قامت فرنسا باحتلال الجزائر , واختيرت عشر فتيات مسلمات , أدخلهن الفرنس الممدارس الفرنسية , وألبسن الملابس الفرنسية , حتى أصبحن كالفرنسيات تماماً , وبعد أحد عشر عاماً من الجهود , هُيئة حفلة تحرج لهن , ودعي لها الكبراء والمفكرون وأهل الصحافة , ولما ابتدأت الحفلة فوجأ الجميع بالفتيات يدخلن , بلباسهن الإسلامي , فثارت الصحف , وتسائلت ماذا فعلن إذاً في الجزائر ؟ وماذا أنجزن بعد مرور مائة وثمانية وعشرين عاماً , فقام وزير مستعمارتهم لاكوستلي يقول : وماذا أصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا , وفي عام ألف وتسعمائة وتسعة عشر , تولى أمان الله على بلاد الأفغان , خلفاً لأبيه , ويريدوا الاستقلال , وفي عام ألف وتسعمائة وثمانية وعشرين , قام بزيارة طويلة للخارج , استغرقت سبعة أشهر , يطوف على بلادان في الغرب والشرق , ليرجع إلى بلده ليبدأ رحلة التحرير , إعجاباً بالغرب وبما فعل , واستناناً بأسان الترك , وأن يحذوَ حذوه , ويريد أن يفرض على الناس , أن .... الغربي , فأصدر تعليمات , بنزع الحجاب , وكذلك إلغاء الأزياء المحلية , ودعا الناس إلا ارتداء الأزياء الغربية , وذهب في الغلو مذهباً بعيداً , حتى أمر بتبادل التحية , على الطريقة الغربية , برفع قبعة الرأس ووضعها في مكانها , وأمر بتقييد أهل العلم , ونشاطهم , ولكن الله سبحانه وتعالى , قيض من علماء تلك البلاد , مع عامتهم , من قام عليه , وأزاله ولله الحمد , ورجعت البلاد إلى ما كانت عليه , أما أتان الترك , الذي قد كان نجح بالخدعة , في تركيا , في إزلة سلطان الحضارة الإسلامية عن تلك البلاد , وإلزامهم بنزع العمامة , وارتداء القبعة , ....... , فقام علمائها يبينون , وألف الشيخ عاطف , ............ ، قماشٌ , وهذا قماش , فأجابه الشيخ : انظر أيها القاضي , إلى هذا العلم المرفوع خلفك , يقصد علم تركيا , استبدله بعلم انجلترا مثلاً , فإن قبلت ولا فهي .... ، وإلا فهذا قماش وهذا قماش , فبهت القاضي , ومع ذلك فقد قتلوه , ..... قتلوه رحمه الله , لقد قامت المدارس الأجنبية , والمدارس المسمى بالعالمية , في بلاد المسليمن , فقام أهل العلم ببيان خطرها , وأن هذه مدارس البعثات , التنصيرية التي تريد إفساد دين الأمة , وعقيدتها , وتربية جيل من أبناء الكبراء .... , ليكونوا طليعة التخريب , ...... , ثم يسرعون بالعفن , ومع ذلك , فقد قامت طائفة من المسلمين , أمام تلك إحدى المدارس للبعثات التنصيرية , تطالب بتدريس مادة الدين الاسلامي , فيها , حتى كتب كبيرهم يقول : أنتم تعلمون ما هو السبب الذي أنشأت مدارسنا في بلادكم , فلماذا تحاولون إذاً المطالبة بتدريس الدين الإسلامي فيها , لقد أرادوا من وراء ذلك , إفساد الأديان , ولكن الله سبحانه وتعالى , كشف باطلهم , وقام أهل الإسلام , يحذرون من أثر هذه المدارس , وإفسادها , صحيح , لقد حصل لها تأثير سيء , وتربت عليها أجيال , من أهل الإفساد , ولكن لم تنجح , في تحويل بلاد الإسلام إلى بلاد كافرة ولله الحمد , وعندما قام المفسدون , بجلد ما عند الغرب , من كل إيجابيٍ وسلبيٍ ورذيلةٍ وصحيحٍ وخاطئٍ , قام في المسلمين , من ينادي بتنقيح العلوم , وعرضها على الكتاب والسنة , وخصوصاً ما يسمى بالعلوم الإنسانية , كالنفسانية , والإجتماعية , والإقتصادية , والتاريخية , والجغرافية , وغيرها . وتم التعليق على ما في تلك العلوم , من الأمور والجمل والعبارات , المخالفة للشريعة الإسلامية , وهكذا , أعيدة كتابة كثير من الكتب المؤلفة , باللغة الأجنبية , لتحذف العبارات المخالفة , للشريعة منها .   

     ولما قام الكفار في هذا الزمان , بحربهم , من أجل تغير المناهج , في البلاد الإسلامية , قام في المسلمين من يدافع عن العقيدة والدين , ويبين أن الله سبحانه وتعالى , خلق البشر , (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ)(التغابن: من الآية2) , وأن الله قسم الخليقة إلا قسمين , منهم المؤمن ومنهم الكافر , وأن الذي يرفض تكفير الكافر , فهو يعلم كفره ويأبى ذلك , فإنه كافر مثله , ولابد أن يحيى من حي عن بينة , ويهلك من هلك عن بينة , ولابد أن تقوم العلوم على أساس الدين ، وأن تنطلق منه , وأن لا تتعارض معه , وهكذا قام المخلصون بالمؤتمرات في التعليم الإسلامي , لتصحيح وتنقيح هذه الكتب , وعندما حاول بعض الذين يأخذون من الغرب , إزالة الإشارات التي فيها , تفريق الناس , إلى مؤمنين وكفار , وإزالة ما يدعوا , إلى البغض لهؤلاء الكفرة , وموالاة المؤمنين , فقط . قام بعض أهل العلم بالتصدي لهم , كما قال بعض هؤلاء الأفاضل , في رد الشبهات التي تعلق بها , الذين يحبون الكفار , ويريدون أن تزال كل العبارات والكلمات التي تأمر ببغضهم , استناداً إلى الآيات القرآنية , والأحاديث النبوية , وأنَّ هذه الآيات , والأحاديث تزال , وهذه الإشارات إلى حكم أؤلئك القوم , في شريعة الله تزال , قام أهل العلم بالبيان , وقالوا إن النصوص تدل على البراءة من الكفار كلهم , من حاربنا ومن لم يحاربنا , وإن زَعْم البعض , أن النصوص الشرعية , تدل على أن البراءة يكون فقط , ممن كفر وحارب , وليس ممن كفر وسالم , بَيَّنَ العلماء أن هذا القيد إنما جاء به من عند نفسه , وإن الله علق البراءة على الكفر مطلقاً , وقال تعالى : ( لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ)(آل عمران: من الآية28) ، وقال تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)(المجادلة: من الآية22) , وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (التوبة:23) , فأما الذين كفروا ولم يحاربونا , فإننا نبغضهم والله ونكرهم , بدا بيننا وبينهم العداوة والبغضاء أبداً حتى يؤمنوا بالله وحدة , لكننا لا نظلمهم , ولا نعتدي عليهم , ولا نسرق أموالهم , ولا نسفك دمائهم , فإذا حاربونا فليس لهم منا إلا السيف والله , فيضاف إلى بغضهم , القيام بمحاربتهم , وهكذا يتبين الفرق , بين الكافر الذي حاربنا وبين الكافر الذي سالمنا , فالكافر الذي سالمنا نبغضه لكفره , لا لشكله , ولا لبلده , ولا لقبيلته , ولا لاسمه , ولا لأصله , ولكننا نبغضه لكفره , ما دام أنه كفر بالله فبغضه في قلوبنا قائم , لكننا لا نظلمه ولا نعتدي عليه , فإن كفر وحاربنا فإننا نحاربه بالإضافة إلى كرهه وبغضه , فإن قضية البغض قضية دينية بحته , من الإيمان الحب في الله والبغض في الله , وكذلك لما قام البعض يقول : لا تكفير في هذا الدين , قام أهل العلم من يرد عليهم , ويقولون لهم : إذا كان الله قد كفر قوماً فهل يجوز لنا أن نكفرهم , أو أن توقف فيهم , أو أن ندعي أنهم ليسوا بكفار , كيف هذا , وكان في المسلمين , روح المقاومة والبغض أن يتولا كافرٌ عليهم , ولما استوزر باديس صاحب باديس قرطانه , اليهودي الشهير بابن النغريلة , وأعظل دائه المسلمين , قام زاهد إلبيرا وقرناطة ، أبو اسحاق الأيبيري رحمه الله , بإلقاء قصيدته ا لنونية المشهورة التي يقول لأهل صنهاجة المسلمين فيها :

ألا قل لصنهاجة أجمعين

بدور الزمان وأسد العرين

مقالة زينقةٍ مشفقٍ ( زينقة يعني محب )

صحيح النصيحة دنيا ودين

لقد زل سيدكم زلةً

أقر بها أعين الشامتين

تخير كاتبه كافراً

ولو شاء كان من المؤمنين

فعز اليهود به وانتخو

وسادوا وتاهوا علىالمسلمين

في قصيدةٍ طويلة ، أثارة أهل صنهاجة , على أؤلئك اليهود , فقتلوا منهم مقتلةً عظيمة , منهم ذلك الذي استوزر , وأراح الله منه البلاد والعباد , ولم تنس الأمة من والوْ أعدائها , وتقوم بتصفية حساباتها معهم , لقد كانت قريةً من القرى المنوفية تسمى        ( دنشواي ) تشتهر بأدراج الحمام , التي تستقبلك إذا وصلت إلى حدودها , قام الإنجليز الذين احتلوا أرض الكنانة , بالعبث والفساد , وحصل أن ذهب بعضهم إلى تلك القرية للتسلية , لاصطياد الحمام , وقاموا بإطلاق النار على الحمام , فأصابة إحدى رصاصاتهم , أدران القمح , ونتج عن ذلك حريق , فتجمع رجال القرية يذودون عن ممتلكاتهم , وقاموا يطاردون أؤلئك المحتلين الإنجليز , فأصيب واحد بضربة شمس , ووقع الثاني على الأرض , مغشياً عليه , فكانت النتيجة , أن قام أؤلئك المحتلون , يريدون أن يأدبوا أهل هذه القرية , الذين تمردوا عليهم , وأُتي بهؤلاء القرويين المساكين للمحاكمة , وقام الجلداوي شيخ المحامين في ذلك الوقت لمحاكمة هزلية , أصدر فيها أحكاماً بإعدام أربعة , وجلد اثني عشر , وأشغالٍ شاقةٍ للباقين , واشترك في هذه الجريمة , بطرس غالي , الجهد الذي رأس المحكمة , وأحمد فتحي زغلول شقيق , سعد زغلول , فأما أحمد زغلول هذا , فقد أرسل له شوقي أبياتاً في احتفال أقيم لهذا الرجل , يقول له :

إذا ما جمعتم أمركم وهممتموا

لتقديم شيء للوكيل سمين

خذوا حبل مشنوقٍ بذيل جبيرةٍ

 ............................

ولا تعرضوا شعري عليهم

فحسبي من الشعر حكمٌ خطه بيمين

لا يحتاج إلى هجاء , فيكفيه ما أصد على المسليمن من هذا الحكم الظالم , فأما الوالي فقد لقي مصرعه فقيد بعده بسنوات قليلة , والهيباوي عمر إلى ثلاثٍ وثمانين , ذاق خلالها أيام الذل والهوان , لم ينس له الناس ذلك الموقف السيء الذي ظلم فيه أهل بلده . وقام مرةً ليلقيَ كلمةً , فإذا بأحد الحاضرين من خلف يقول : فليسقط جلاد جنشواي , وهكذا قام الناس عليه , بصوتٍ واحدٍ , فمات في عام ألف وتسعمائة وأربعين [ 1940م] , وكان خلف جماهيريته من يقول :

أيها المدعي العمومي مهلاً

بعض هذا فقد بلغت المراد

أنت جلادنا فلا تنس أنا

قد لبسنا على يديك الحداد

ولما قام أتاني الترك بإلغاء دولة الخلافة , وإنشاء الدولة العلمانية الغربية , وكان عمره قد ..... , فقال عرفات أوركا أحد المعجبين به : قد اقتنع أن كفاحه يجب أن يوجهه إلى الدين , فإنه منافسه الأكبر , وكان يعتقد من صغره أنه لا حاجة إلى الله , تعالى الله عما كان عليه ذلك الظالم علواً كبيرا . وكان لا يؤمن إلا بالمشاهد المحسوس . وكان يبغض الإسلام والعقيدة الصحيحة , بغضاً شديداً , وكذلك فإنه قد حكم شرع الغرب , في قومه , وأزاح الشريعة الإسلامية , فقام أهل الإسلام في تلك البلاد بالبرد , وألَّف إسماعيل بن إبراهيم الأسعردي الأزهري : تحذير أهل الإيمان على الحكم بغير ما أنزل الرحمن , وكان المسلمون يظنونه في بداية الأمر , مجاهداً غازياً , لما حصل من التراجع الوهمي من جيوش الحلفاء أمامه , حتى سماه بعضهم [ الغازي مصطفى كمال ] وشاعة أخباره في البداية , حتى أن أحمد شوقي الشاعر اغتر به وكتب قصيدةً بعد انتصارٍ مزعومٍ , لذلك الرجل علىالحلفاء يقول

الله أكبر كم في الفتحٍ من عجبٍ

يا خالد الترك جدد خالد العربي

ولكن حينما تبين أمره , وظهرة حقيقته , وألغى الخلافة الإسلامية , ونحى الشريعة الإسلامية , قال شوقي نفسه في قصيدةٍ ينعي فيها الخلافة :

عادة أغاني العرف رجع نواحي

ونعيت بين معالم الأفراح

كفنت في ليل الزفاف بثوبٍ

ودفنت عند تبلد الإصباح

شيعت من هلعٍ بعبرةِ ضاحكٍ

في كل ناحيةٍ وسكرةِ صاحِ

ضجت عليك مآذنٌ ومنابرٌ

وبكت عليك ممالكٌ ونواحِ

الهند والهت ومصر حزينةٌ

تبكي عليك بمدمعٍ سحاحِ

والشام تسأل والعراق وفارس

أمحى من أرض الخلافة ماحِ

وهكذا صارت أغاني العرس نياحه , وهكذا صار الفرح نعياً , وكفنت تلك العروس بثوب الزفاف , فرجموه بعد موته , وكرهوه وأبغضوه , وانكشف أمره , ولكن كان في وقته على القلة من المسلمين , من بيَّن حاله ...... ، لقد كان في المسلمين من يقوم إلى الخديوي , ليقول له : يا أفندينا أليس المحاكم المختلطة , فتحت بقانون يبيح الربا , أليس الزنا برخصة ؟ أليس الخمر مباح ؟ أليس أليس وعدد له المنكرات , فكيف ننتظر النصر من السماء , فقال وماذا نصنع وقد عاشبنا الأجانب ؟ وهذه ميزانيتهم . فقال إذاً فما ذنب العلماء ؟  وكان الخديوي قد انتقد قراءة صحيح البخاري , فقال : وما ذنب العلماء وما ذنب البخاري إذن ؟ وعندما دخل عليه أحد أهل العلم يعضه ويتكلم عليه , وينصحه , ويرفع صوته , ويخفضه , وينكر المنكرات , حتى أن ذلك الخديوي , استشاط غضباً , وجعلى يفور ويغلي , وكان هذا العالم , جالساً بينه وبين الخديوي وسادة , فقال : ذلك الخديوي , ماذا تقول ؟ اسكت ! هل تعرف الفرق بينك وبين الحمار ؟ قال : هذه الوسادة .

ولما كتب الروايات في الحجوم على الدين , الروات التي فيها السبت لذات الإلهية , الروايا التي فيها التشكيك في الأحاديث النبوية , الروايات التي فيها نقد العبادات , قام علماء الإسلام والدعاة , والغيارى على الدين , بالرد عليها , وقام أهل الإسلام ببيان حكم الله في هؤلاء الذي يستهزؤن بشريعته , إن سلمان رشدي , لما كتب الآيات الشيطانية وغيرها , ورجع إلى بلده بومبي قام المسلمون في بومبي , بالتظاهر ضده , وأعلنوا أنهم يريدون قتله , وأنه يستحق الشنق , حتى اضطر إلى الهرب سراً , من فندق   تاج محل , الذي كان يقيم فيه , مع عشيقته , فهرب محروساً مخفوراً , لا يلوي على شيء , عدا أن قام عليه المسلمون الذين عرفوا كفره وزندقته . وماجلان البحار المشهور , الذي يُكْبِرُه الكثيرون , وكان داعياً من دعاة النصرانية , لقد كان قتله على يد رجل مسلم , فقد ذهب مع الأسبان الذي وصلوا إلى جزر الصين في عام 927 م , يقودهم ماجلان الذي اكتشف رأس الرجاء الصالح , مع الأسف بمساعدة أحد البحارة المسلمين , الذين لعلهم لم يكونوا يدركون ما هو قصد هؤلاء , الأسبان , لقد كان الأسبان النصارى الغزاة , يبحثون عن طريقٍ بحريٍ , يهاجمون فيه البلاد , من بلاد جنوب شرق آسيا وغيرها , كالفلبين وأندنوسيا  ونحوها , دون أن يمروا بالبحر الأبيض المتوسط , الذي كان فيه للمسلمين أساطير بحرية , فكانوا أن اهتدو إلى أؤلئك الطريق , الذي يمر بسواحل جنوب أفريقيا , ثم يتجه إلى تلك البلاد , دون أن يذهبوا إلى البحر المتوسط , نزلوا على أرض الفلبين يضنون أنها وثنية ، وأطلقوا عليها الفلبين نسبة إلى ملكهم ( فيليب الثاني ) الذي أرسل تلك الحملة الصليبية , لكن ما إن توغل الأسبان حتى فوجؤا بالمسلمين , في تلك البلاد , حتى أنهم صاحوا موروث , وهو الإسم الذي كان يطلقه الأسبان على المسلمين الأوائل , الذين فتحوا الأندلس , ومعناها السمر , نسبة إلى العرب والبربر , المسلمين الذي فتحوا الأندلس , فكان الأسبان يسمون المسلمين موروث , السمر , ففوجأ الأسبان بهم , ونشب صراع بين المسلمين والصليبين في جزيرة ( مندناو ) وارخبيل سولو بقوة المسلمين في تلك البقاع , وقد استطاع الأسبان ، أن يفرضوا النصرانية بالقوة على جزيرة ( لوزون ) , ثم عرض ماجلان على حاكمها , أن يتنصر مقابل تنصيبه على كافة جزر الفلبين , ثم اتجه إلى الجزر الجنوبية , وأراد أن يجتمع من ملكها المسلم ( لابو لابو ) , وقال له : إنني بعت المسيح , أطلب منك التسليم , ونحن العرق الأبيض أصحاب الحضارة , أولى منكم بحكم هذه البلاك , فرد عليه لابو لابو : إن الدين لله , وإن الإله الذي أعبده , هو إله جميع البشر , على اختلاف ألوانهم , ثم قام بنفسه , بقتل الصليب ماجلان , ..... الحقد والشر والانتقام , ثم عادوا بأساطل قوية عام 973م , واستطاع المسلمون ردهم عدة مرات عن جزر منجناو وسولو , حتى استولى الأسبان على الجزر الشمالية , وهكذا دخلوا في صراعات عظيمة , مع المسلمين , كان للمسلمين فيها نصرُ أحياناً , وتراجعُ آخر , وقامت حروب طاحنة , وبالرغم من استيلاء الأسبان على تلك البلاد , إلا أنهم لم يستطيعوا حكام السيطرة عليها كلياً , فاندلعت ضدهم عدة معارك جهادية من المسلمين , من أهمها ما كان في سنة 1290هـ , 1314 هـ , حتى عرفوا أنه لا مقام لهم في الفلبين , فرحلوا عنها , لكن بعد أن صار كثير من أهل تلك الديار من النصارى , ولكن ! لا زال أمر الدين قائم في تلك البلاد , والحمد لله , ولعل سرعة إسلام هؤلاء من أهل الفلبين , ترجع إلى أنهم يريدون العودة من حيث لا يشعرون إلا جذورهم الأصلية .

     أيها الإخوة : إن هذه المقاومة , لهؤلاء المحتلين الكافرين , وهذا الرفض , أن تحكم بلاد المسلمين من هؤلاء الكفار , يدل على تأصل روح العقيدة في المسلمين , وأنهم لا يرضون أبداً , أن يسيروا على منهج الكفر , وأصحاب الروايات التي تقدم ذكر بعضها , وغيرها [كوليمة أعشاب البحر ] التي اشتهرت قبل فترة وشاعة , وفيها سب الله عز وجل , سباً صريحاً مقنعاً , وقام ذلك الكاتب , الكافر المرتد الزنديق , بوصف الله عز وجل بصفات الذم , وشتم ربه , قام له علماء المسلمين , يبينون حكمه , وحكم روايته , وحكم قرائتها , وطباعتها , وترويجها , وتوزيعها , والإذن بها , وهكذا . وهو الذي كان يستهزأ بالله سبحانه وتعالى , استهزاءً عظيماً , ويقول عن ربه : فنان فاشل وسلحفاة , وهذا الكافر المرتد , لا يزال ولله الحمد ممقوتاً مبغوضاً من المسلمين , ولا يزال مستخفياً . ولما قام بعضهم أيضاً , بالهجوم على النبي ـ e ـ , وقام إليه من أهل العلم , في الأزهر وغيره , من يرد عليه , وبين أن عقد زواجه باطل , وأنه يجب التفريق بينه وبين زوجته , ولّا ولم يعقب , وهرب من بلده وذهب إلى من يواليهم , وهكذا تطاول عدة على الله عز وجل , وأنبيائه ورسله , وقالوا الكلام , الذي يتبين منه , ما في قلوبهم , من البغض , ومنه كلام تلك العجوز الشمطاء , التي لما قيل لها : هل تحبين أو تعترضين على من يقول لك يا حجة ؟ قالت : نعم لا أريد هذا الإسم فأنا لم أحج ولن أحج , وحجتي في شرفتي , وصلاتي في كتبي . ولذلك فإن أعداء الإسلام , لا يزالون يستضيفون هؤلاء في قنواتهم , ويفسحون لهم المجلات ليقولوا كفرهم , وسمهم ....... من كتب ، ممن كتب من أعطي جائزة نوبل للعهر والفساد ونشر الإنحلال , قام في المسلمين من يرد عليه , ويبينوا خطرة , ورذيلته , فأما سب النبي عليه الصلاة والسلام أيها الإخوة : فإن فيه بالذات عقوبة عظيمة جداً في الدنيا قبل الآخرة , فقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله , في كتابه العظيم الصارم المسلول على شاتم الرسول , أنه يجب قتله ولو تاب , لأن للنبي عليه الصلاة والسلام حق , ولما مات عليه الصلاة والسلام , لا يمكن أن يتنازل عن حقه , فيقتل من سبه , ولو تاب , وتوبته لو كان صادقاً فيها تنفعه عند الله يوم القيامة , روى البخاري , روى أبو داود رحمه الله , روى أبو داود عن ابن عباس [ أن أعمى كانت له أم ولد , تشتم النبي ـ e ـ وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي ويزجرها فلا تنزجر فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ وتشتمه فأخذ المغول ( سيف قصير ) فوضعه في بطنها وهو أعمى ذهب وقد أخفاه , حتى ضنة أنه سيأتيها فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها فلما أصبحا ذكر لرسول الله ـ e ـ فجمع الناس فقال أنشد الله رجلاً فعل ما فعل لي عليه حقٌ إلا قام فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبي ـ e ـ فقال يا رسول الله : أنا صاحبها كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي وأزجرها فلا تنزجر ولي منها أبنان مثل اللؤلؤتين ( في الجمال ) وكانت بي رفيقةً ( يعني في الخدمة ) فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك فأخذة المغول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها فقال النبي ـ e ـ ألا اشهدوا أن دمها هدرٌ ] وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

ولما قام في المسلمين , تشبهٌ بالكفار , بالأخذ عنهم , وتقليدهم , وأخذت أفلامهم , وألعابهم , وسرت أعيادهم , وحصل التشبه بهم في أشياء كثيرة , قام في المسلمون من يغير هذا , ولما غزونا حتى في الألعاب , في البوكي مون وغيره , قام في المسلمين من يبين , حقيقة هذه الأشياء , لما غزونا بالبلنتاين وعيد الحب , قام في المسلمين من يبين , حكم هذه الأشياء , وأنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة , وأنه يشغل بالتفاهات , وأنه سبب فتح الباب الحرام , والتعارف , تعرف الرجل الأجنبي من امرأة أجنبية , وأن فيه التشبه بالكفار , وأنه يحرم على المسلم الإعانة عليه , بأكل أو شرب أو بيع أو شراء , أو صناعةٍ أو هدية ٍ , أو مواصلة أو مراسلة , أو إعلان أو غير ذلك , وأنه لا يجوز بيع هذه الهدايا والورود فيه , وما يعين على الإحتفال , لقوله تعالى : ( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )(المائدة: من الآية2) , ولما قام بعض الأذناب بالوقوع , في بعض شرائع الإسلام , مثل تعدد الزوجات , وجعلوا يكتبون على صفحات مجلاتهم , من الخارج والأغلفة , نعم أو لا للزوجة الثانية , أيستفتى على الأحكام الشرعية , الأحكام الشريعية المقررة المنتهية , التي أجمع عليها العلماء , المذكورة في كتاب رب العالمين , من جعل الاسفتاء على شريعة رب العالمين , تقبل أو لا تقبل , قام العلماء يؤلفون في ذلك , وحكمة إباحة تعدد الزوجات , وفؤائد تعدد الزوجات , وتعدد زوجاته في إطار الضوابط الشرعية , وبين العلم والدين , وهكذا , لما قام في المسلمين , من ينادي بأخذ الحضارة الغربية , بِحُلْوِها ومُرِهَا , ويشكك في القرآن الكريم , وفي بلاغة القرآن الكريم , ومنهم المجرم ( طه حسين ) كما فعل في كتاب الشعر الجاهلي , وقال : للتوراة أتحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل , وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضاً , ولكن ورود هذين الإسمين في التوراة والقرآن لا يكفي من وجودهما التاريخي , إذاً عند طه حسين اسم إبراهيم وإسماعيل , وجوده في القرآن لا يكفي في إثبات  وجوده في التاريخ , ما معنى ذلك ؟ أنه يمكن أن يكون في القرآن أباطيل وخرافات , وأشياء غير حقيقة , فضلاً عن إثبات هذه القصة , التي تحدثها بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة , ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة , نوعاً من الحيلة , سبحان الله ! ما ذكره الله في كتابه , وما ذكره النبي ـ e ـ في سنته , كما في صحيح البخاري , في هجرة إبراهيم لهاجر , وإسماعيل إلى مكة , وأن نزولهم فيها بأمر الله , ثم يأتي هذا ويقول : إن ذكرهم في القرآن لا يفيد أنها حقيقة تاريخية , قام العلماء بالرد عليه والأدباء كذلك , ومنهم مصطفى صادق الرافعي في تحت راية القرآن , ونقض كتاب الشعر الجاهلي لمحمد الخضر حسين , ومحاضرات في بيان الأخطاء العلمية تاريخية التي اشتمل عليها كتاب الشعر في الجاهلي للشيخ محمد الخضري , ونحو ذلك من الكُتَّاب المسلمين , من أهل العلم , والأدب , والفضل , ونحو ذلك , لقد قيض الله سبحانه وتعالى , من يكتب من المسلمين ويرد على أمثال هؤلاء , ويبين حقيقة أمثال جمال الدين الأفغاني , وغيره , من المنحرفين , والباطنية , والمندسين , الذين أرادوا أن يفسدو الدين , وألّف محمد محمد حسين حصوننا مهددة من داخلها , في الرد على أهل الحداثة وكان منهم , ثم تاب إلى الله , وألف كتابه هذا من باب توبته , لأن الله قال : (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا )(البقرة: من الآية160) , فمن كان منهم ثم تاب إلى الله , فلا بد أن يرد عليهم , وهكذا كل من ذهب إلى هؤلاء العلمانيين والحداثيين , إذا تاب إلى الله لابد أن يرد عليهم , وأن يبين ما كتب إذا كان كتب شيئاً , أو نشر شيئاً , أن يعلن توبته على الملأ , كما نشر الباطل على الملأ , فإنه لا يكفي أن ينشر الباطل على الملأ , ثم يتوب بينه وبين ربه , دون أن يبين لأن الله قال : (وَبَيَّنُوا ) , وأيضاً : فإن هذه الأمة , ولله الحمد , لم تنسى من احتل شبراً من أراضيها , فقام عمر المختار , ضد هذه الحملات الصليبية على بلادة , وحافظ سلامة في بور سعيد في مصر , ضد اليهود , وسليمان الحلبي الذي قتل كليبر , الفرنسي الذي جاء مع نابليون , وخرج نابليون ليترك كليبر حاكماً عسكرياً على مصر , وكان سليمان الحلبي أحد طلبة العلم , في الجامع في الأزهر , في جامعة الأزهر , وكان عمره لما أزال ذلك الطاغية من الحياة أربعة عشر عاماً , وتقوم أحداث فلسطين , ويقوم هؤلاء اليهود بجرائمهم , قتلاً وسفكاً للدماء , وتدنيساً للمسجد الأقصى , فيقوم المسلمون بالرد عليهم , الأمة فيها خير , الأمة فيها مقاومة عجيبة , الأمة فيها صبر , إننا لنعجب فعلاً لهؤلاء المسليمن في فلسطين , أهم جنناً أم إنس , ........ ، يقومون بالعمليات ضد اليهود , إنه عجبٌ عجاب , والله , وهكذا لا يزال المسلمون , دائماً , كلما احتل الكفار يقومون بمقامة الكفار , إنه شيءٌ تاريخي ولله الحمد , لا يهود ولا صليبيين ولا غيرهم , لابد أن يقوم في المسلمين من يقاوم هؤلاء والحمد لله , بل تظهر قضية المقامة حتى في هذه المقاطعة , لبضائع الكفار حتى رصدوا انخفاض مبيعات إحدى الشركات الأجنية , في المشروبات الغازية , في بلد من البلدان العربية , 46% , وفي بلد آخر 20% , وإحدى شركات الوجبات السريعة , الأجنبية خسرة 35 % , وغيَّرة شركات أسمائها أيضاً , بل ربما غيرت أسماء المنتجات أيضاً , وتراجع الإقبال على بعض ما ينتجه الكفار , في عدد من المواضع والأماكن , حتى صارت الخسائر , بالمليارات حقيقةً , إن هذه المقاومة , وهذا التتبع للمحتل , والمعتدي , إنه شيءٌ يسري في الأمة , منذ عهدها الباكر , وحتى الآن , ولنأخذ قصة سلمة بن الأكوع , رضي الله تعالى عنه , كيف تبين هذه القصة , أن المسلم لا يرضى بالهوان , ولا يرضى بالإعتداء , وإنه يحارب ويطارد حتى النهاية .

روى مسلم عن سلمة بن الأكوع قال : [ قدما الحديبية مع رسول الله ـ e ـ ونحن أربعة عشرة ومائة , وذكر الحديث وفيه , ثم خرجنا راجعين إلى المدينة , فنزلنا منزلاً بيننا وبين بني لحيان , وكانوا مشركين , جبل , فاستغفر رسول الله ـ e ـ لمن رقي هذا الجبل الليلة , وكان يرقى ذلك الجبل , طليعةً وحِرَاسةً وحتى ينبه المسلمين , لو كان هناك شيئاً من جهة المشركين , فرقيت تلك الليلة , مرتين أو ثلاثاً , ثم قدما المدينة , فبعث رسول الله ـ e ـ بظهره يعني بالإبل , مع رباح , غلام رسول الله ـ e ـ , وأنا معه , وخرجت معه بفرس طلحة أنديه مع الظهر , مع إبل المسلمين ومع الرعي , ويجعله في المرعى ويشرب من الماء , فإذا أصبحنا , إذا عبدالرحمن الفزاري , أي المشرك , قد أغار على ظهر أي على الدواب والإبل , رسول الله ـ e ـ , فاستاقه أجمع , يعني سلب إبل المسلمين إبل النبي عليه الصلاة والسلام , وقتل راعيه , قتل المسلم , فقلت : يا رباح خذ هذا الفرس , فأبلغه طلحة بن عبيدالله , هذه الأمانه يردها إلى صاحبها , وأخبر النبي ـ e ـ أن المشركين قد أغاروا على سرحه , ثم قمت على أكمة , فاستقبلت المدينة فنادية ثلاثاً , يا صباحاه , ينبأ المسلمين , ثم خرجت في آثار القوم , أرميهم بالنبل , وارتجز وأقول :

أنا ابن الأكوع

واليوم يوم الرضع

فألحق رجلاً منهم , فأصك سهماً في رحله , حتى خلص نصل السهم إلى كتفه , قلت : خذها وأنا ابن الأكوع , واليوم يوم الرضع , قال : فوالله ما زلت أرميهم , وأعقر بهم , فهذا يجرحه , وهذا يزيله عن فرسه , وهذا يصيب فرسه , فإذ رجع إلي فارس , يعني منهم , رجع إليه , لكي يحاربه , أتيت شجرة فجلست في أصلها , ثم رميته فعقرت به , يعني السهم يصيب يصيب , حتى إذا تضايق الجبل , فدخلوا في تضايقه , مضيق في الجبل , علوة الجبل , فجعلت أرديهم بالحجارة , فما زلت كذلك أتبعهم , حتى ما خلق الله من بعير , من ظهر رسول الله ـ e ـ  إلا خلفته وراء ظهري , استلقى إبل المسلمين كلها , وخلوا بيني وبينه , ثم اتبعتهم , هل انتهت القضية ؟ لا . المعتدي يجب مطاردته إلى النهاية , ثم اتبعتهم أرميهم , حتى ألقوْ أكثرمن ثلاثين برداً , وثلاثين رمحاً , يستخفون , يعني ليسهل هروبهم , ويسهل سيرهم , ولا يطرحون شيئاً , إلا جعلت عليه آراماً من الحجارة , يعرفها رسول الله ـ e ـ وأصحابه , علامات كل شيء مما أقلقاه المشركون , حتى أتوا متضايق من ثنية , فإذا هم قد أتاهم فلان بن بدر الفزاري , يعني إعانه لهم , فجلسوا يتضحون , يعني يتغدون , وجلست على رأسِ قرنٍ , قال الفزاري : ما هذا الذي أرى ؟ قالوا : لقينا من هذا البرح , والله ما فارقنا منذ غلس , يوينا حتى انتزع كل شيءٍ في أيدينا , قال : فاليقم إليه نفرٌ منكم , أربعه , فصعدوا إلي منهم أربعة في الجبل , فلما أمكنوني من الكلام , قلت : هل تعرفوني ؟ قالوا : لا ! , ومن أنت ؟ قلت : أنا سلمة بن الأكوع , والذي كرم وجهه محمدٍ ـ e ـ , لا أطلب رجلٌ منكم إلا أدركته , ولا يطلبني رجل منكم فيدركني , قال أحدهم : أنا أظن , أن هذا صادق فعلاً في كلامه , فرجعوا فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله ـ e ـ  , يتخللون الشجر , فإذا أولهم الأخرم الأسدي , على إثره أبو قتادة الأنصاري , على إثره المقدام بن الأسود الكندي , فأخذة بعنان الأخرم , فولوا مدبرين , قلت : يا أخرم احذرهم , لا يقتطعوك حتى يصل رسول الله ـ e ـ وأصحابه , وهكذا إلى أن قال : فوالذي كرم وجه محمدٍ ـ e ـ , لتبعتهم أعدوا على رجليَّ حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمدٍ ـ e ـ ولا غبارهم شيئاً , يعني سلمه سبق الخيل , سبق الخيل , يطارد الأعداء , حتى يعدلوا قبل غروب الشمس , إلى شعبٍ فيه ماء , يقال له ذو قرد , ليشربوا منه وهم عطاش , فنظروا إليَّ أعدوا ورائهم , فخليتهم عنه , يعني حتى الماء ما ذاقوه , أجليتهم عنه , فما ذاقوا منه قطرة , فيخرجون فيستدون في ثنية , فأعدوا فألحق رجلاً منهم , فأصكه بسهم , في نخب كتفه , في لوح الكتف , قلت خذها وأنا ابن الأكوع , واليوم يوم الرضع , قال : يا ثكلته أمه , أكوعه بكرة , ما لقينا مثل اليوم , من مثل هذا , قلت نعم يا عدوَّ نفسه , أكوعك بكرة , وأردوْ فرسين على ثنية , فجئت بهما أسوقها , إلى رسول الله ـ e ـ , حتى اجتمع مع النبي عليه الصلاة والسلام , قال : ولحقني عامر بسطيحة , فيها مذقة من لبن , وسطيحة فيها ماء , فتوضأت وشربت , ثم أتيت رسول الله ـ e ـ , وهو على الماء , الذي حلأتهم عنه , فإذا رسول الله ـ e ـ , قد أخذ تلك الإبل , وكل شيءٍ استنقذته من المشركين , وكل رمحٍ وبرده , وإذا بلال نحر ناقة من الإبل , الذي استنقذت من القوم , وإذا هو يشوي لرسول الله ـ e ـ , من كبدها رسول الله , فأنتخب من رجل , ...... ، فلا يبقى منهم مخبرٌ إلا قتلته , ..... ، مع أنه بعد هالتعب كله , تعب واصل المطاردة , فضحك رسول الله ـ e ـ , ....... ، كان خيرٌ فرساننا اليوم أبو قتادة , وخيرَ رجّالتنا سلمه , ثم أعطاني رسول الله ـ e ـ سهمين , سهم الفارس وسهم الراجل , فجامعهما لي جميعا , ثم أردفني على ناقته العضباء , راجعين إلى المدينة , لما اقتربوا جاء واحد قال لسلمة : أتسابقني إلى المدينة , قال : نعم ، قال : فسابقْتُهُ فسبِقتُهُ , فدخلة المدينة قبله , فهؤلاء إذاً , الذين كانوا لا يرضون أبداً , أن يسلب للمسلمين شيء , وهكذا لما , قالت امرأة هاشمية من بني هاشم :           وا معتصماه وهي أسيرٌ في يدٍ الروم لما أهانوها , بلغ ندائُها الخليل المعتصم , فقال : لبيك , ونهض من ساعته , وصاح في قصره النفير النفير , وجمع العساكر , وأحضر قاضي بغداد , ومعه ثلاثمائة وثمانية وعشرون رجلاً من أهل العدالة , فأشهدهم على أمواله , فجعل ثلثاً لولده , وثلاثاُ لله تعالى , وثلثاً لمواليه , ثم جاهد ففتح عموريه , وعندما كتب , نقفور إلى هارون الرشيد , يقول له : من نقفور ملك الروم , إلى هارون ملك العرب , أما بعد : فإن الملكة التي كانت قبلي , أقامتك مقام الرخ , وأقامت نفسها مقام البيدق , طبعاً الرخ والبيدق , حجران من حجارة الشطرنج , الرخ : القلعة , والبيدق : هو هذا الجندي في المقدمة , وطبعاً البيدق ضعيف , والرخ أقوى , قال : الملكة التي كانت قبلي , من قومي , التي كانت تدفع لك مالاً , وجزية , ضعيفة , امرأة ضعيفة , أقامتك مقام الرخ , وأقامت نفسها مقام البيدق , فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيق بحمل أمثالها أمثاله إليها , وهذه طبعاً كبيرة , يقول لهارون : أنت الأولى أن تحمل الجزية تدفعها لنا , وذلك من ضعف النساء وحمقهن , فإذا قرأت كتابي هذا , فاردد إليَّ ما حملت إليك من الأموال , وافتدي نفسك به , وإلا فالسيف بيننا وبينك , فلما قرأ هارون الخطاب , أخذه الغضب الشديد , حتى لم يستطع أحدٌ أن ينظر إليه , ولا أن يخاطبه , وأشفق جلسائه عليه , ثم استدعى بدواة وكتب على ظهر الكتاب , بسم الله الرحمن الرحيم , من هارون أمير المؤمنين , إلى نقفور كلب الروم , قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة , والجواب ما تراه دون ما تسمعه , والسلام . ثم سار حتى نزل بباب هرقل , وفتحها وأخذ ابنة ملكها , وغنم من الأموال شيئاً كثيراً , وخرب وأحرق حتى طلب نقفور , الموادعه على خراج يؤديه إليه , في كل سنة , فأجابه الرشيد ورجع .

كانت المواقف سوءاً على القدرة على جهادهم , أو عدم القدرة , قوية , وابن تيمية رحمه الله , لما ذهب إلى قازان , ملك التتر , لمقابلته , وخرج معه جماعة من دمشق , من علمائها وكبرائها , لما دخل ابن تيمية رحمه الله , على قازان , ملك التتر , جعل يكلمه ويرفع صوته ويخفض ويعض وينهى ويأمر , ويقول كيف أنت تدَّعي الإسلام , ومعك قاضٍ بزعمك , وإمام , ومؤذن , ثم تقتحم بلاد المسلمين , وتقتل , وتريد أن تقتحم دمشق , لما وضع الطعام , التتر لما وضعوا الطعام للوفد المسلم , أبى شيخ الإسلام أن يأكل , قالوا له : كل , قال : لا , قالوا لماذا ؟ قال : وهل هذا إلا ما سلبتموه من غنم المسلمين وأموالهم ؟ فإذا سلبتموه من غنم المسلمين وأموالهم , الآن تذبحوا لنا منه ونأكل , ما يجوز أكل المغصوب والنهوب , ولا المسروق , وجعل يعض ملك التتر , وقائد التتر , حتى وقعت هيبة شيخ الإسلام في قلب الملك , وسأل عن اسمه من هذا ؟ وجعل أصحاب ابن تيمية يجمعون ثيابهم مخافة , قالوا الآن يسقط رأس ابن تيمية , والدم ينضح علينا , فجعلوا يجمعون ثيابهم مخافة أن يصيبها دمه , ولكن الله عز وجل ألقى هيبة شيخ الإسلام ابن تيمية في نفس ملك التتر , فوعده خيراً وأنه لن يقتحم البلد , ورده مكرماً , قالوا : كدت والله أن تهلكنا ، يقول الذي خرجوا معه الوفد , كدت والله أن تهلكنا , يعني على هذه المواقف الجريئة , والله لا نصحبك بعدها أبداً , قال : فذهبوا من طريق آخر , قال : فأما شيخ الإسلام , فسمع أهل دمشق بما فعل من أجلهم , وكيف أنه كان يأمر وينهى ملك التتر , فخرجوا إليه واستقبلوه , واجتمع عليه الناس , وأكرموه , حتى دخل دمشق , وأما نحن فخرج علينا جماعة من اللصوص , فشلحونا , وكان في هذه الأمة والحمد لله , من يتصدى لواضعي الحديث النبوي , ولما جيأ بذلك الزنديق الذي وضع , أربعة ألاف حديث , فقال له الخليفة , يقرره بما فعل , قال : نعم وضعت على نبيكم , كذبت أربعة آلاف كذبه , صارت بين الناس , يعني الآن سواء قتلتني أو ما قتلتني , الأحاديث شاعت وانتشرت , أين أنت من أربعة آلاف حديث وضعتها , سارت بين الناس , قال : وأين أنت من عبدالله بن المبارك , وأبي إسحاق الفزاري , وفلان وفلان , ينخلانها حرفاً حرفا , يعني أن عندنا من علماء المسلمين , والمحدثين من يكشف هذه الأحاديث , ومن يبين أمرها للناس , وهكذا قاموا ببيان حال هذه الأحاديث , وتتبع المهدي رحمه الله , الزنادقه , حركة الزنادقة , وقام بتخليص المسلمين , من كثير من شرهم , لما قام في هذا الوقت , الآن , الهجوم على طريقة السلف , وعلى الدعوة السلفية المباركة , وعلى منهج إتباع القرآن والسنة , والأخذ بالأدلة الصحيحة من القرآن والسنة , وهي طريق السلف , ولزوم عقيدة السلف , بعيداً عن البدع , بعيداً عن التعصب , قام أعداء الإسلام الذين يعرفون الخطورة أين تكمن حقيقةً , وأن أشد الناس على أعداء الله , أتباع طريقة السلف , قاموا يشنون الحملات , على هذه العقيدة السلفية , والطريقة السلفية , وعلى رموزها وقادتها وعلمائها , كشيخ الإسلام ابن تيمية , ومحمد بن عبدالوهاب , وغيرهم , ولكن الله سبحانه وتعالى يقيض من هذه الأمة , من ينافح عن طريقة السلف , وعن عقيدة السلف , وعن منهج السلف , كتابةً وكلاماً وخطاباً في مجالات مختلفة , صحافةً وإذاعةً , وفي الفضائيات وغيرها , ولم يبق إلا السخفاء , الذين يلمزون ويطعنون , في هذه الدعوة السلفية المباركة , وفي علمائها , فهم أقزام يتزاحمون تحت أقدام شيخ الإسلام ابن تيمية , ومحمد بن عبدالوهاب وغيرهم , من علماء الإسلام , ولا شك أن من علماء هذه الدعوة المباركة , الشافعي رحمه الله , ومالك , وأحمد , وسفيان الثوري , والأوزاعي البيروتي وغيرهم من أهل العلم , الذين ساروا على طريقة السلف ، لقد تعرضت هذه الأمة لمحن كثيرة ، ومطاعن كثيرة ،ولكن تأبى أن  تلين أو تهون ،

وكنا حين يأخذنا ولي

بطغيان ندوس له الجبين

ولما صارت في هذا الوقت المسلسلات التي تدخل بأهل الخير والصلاح ،وتحث المرأة على الخروج مع الأجانب ، وتعمل على توهين أحكام الشرع المطهر ، وتلمز المتصفين بالغيرة على محارمهم ونسائهم ، وتثير الشهوات وفيها الرعنات والسخرية وخوارم المروءة بأنواعها، ولمز النلس وكذلك إيثارت الرعنات والعصبيات الجاهلية ، ونشر الرذيلة والزور ، قام من علماء المسلمين من يبين حال هذه المسلسلات وأنه لا يجوز عملها ولا المشاركة فيها ولا تمويلها ولا عرضها ولا مشاهدتها ، وأيضاً فإن المطاعن لما توجهت على الحجاب الإسلامي كما حدث من قاسم أمين في كتاب تحرير المرأة وغيره ممن آزره ممن تقدموا وتأخروا ، قام أهل الإسلام يردون على قاسم أمين دعوته وألفت الكتب في ذلك ، ( السنة والكتاب في حكم التربية والحجاب ) لمحمد إبراهيم القاياسي ، ( الجليس الأنيس عما في تحذير المرأة من تلبيس ) لمحمد أحمد حسنين البولاقي ، ( خلاصة الأدب ) حسين الرافعي ، (نظرات في السفور والحجاب ) لسفر الغلايني ، (قولي في المرأة ) لمصطفى صبري ، ( رساله في مشروعية الحجاب ) لمصطفى نجا ، ( رسالة الفتاه والفتى ) لعبد الرحمن حمصي ، هذه الكتب كتبت طبعاً لرد على قاسم أمين ولعلها بعضها غير موجود الآن ولا يكاد يوجد ، ولكن الشاهد أنه وجد في الأمة من يقاوم هذا ، وتكلم حتى الشعراء

أغرك يا أسماء ما ظن قاسم

أقيمي وراء الخدر فالمرء واهم

تضيقين ذرعاً بالحجاب وما به

سوى ماجنت تلك الرؤى والمزاعم

سلامٌ على الأخلاق في الشرق كله

إذا ماأستبيحت في الخدور الكرائم

ومن الأشياء العجيبة أن بعض الأماكن التي حدث بها الهجوم على الحجاب ، وقامت هدى شعراوي وغيرها بعملية حرق الحجاب ، ومايسمى بتحرير المرأة ، تحريرها من الدين والشريعة ومن أحكام الله سبحانه و تعالى ، لتكون بهيمه تسرح ، وتكون نعجه ينظر إليها هؤلاء ، ويشبعون غرائزهم أو ملذاتهم ،منها من العجائب أن المتولي في ذلك والوقت كانت زوجته التي تسمى ناضلي لم يسمح لها بالسفر إلى أوربا فيما مرة واحدة عندما أجمع الأطباء على ضرورة سفرها للعلاج وكان زوجها قد سافر إلى إحدى دول أوربا فرفض إ ن يصطحبها في تلك الزيارات ، واشترط أن تبقى محجبةً ،ورفض أن تكون معه على نفس الباخرة وأمرها بأن تسافر في مركب خاص  ليتفادى سفرها في البواخر العاديه حتى لاتختلط بالرجال ، وأمر بأن يكون هناك طالب حراسة خاص أمام جناحه ، يعني سبحان الله بعض الذين يريدون نشر السفور هم في أنفسهم  غير مقتنعين به في زوجاتهم وبناتهم ، حتى أن أحد الإخوان أخبرني أنه رأى شخص ممن يكتبون في الصحف والجرائد كلام فيه كان يريد به تحرير المرأة وإزاله شرع الله عن المرأة بأن تخرج المرأة ، وتختلط المرأة بالرجال  وأن تفعل وتفعل وتفعل , قال رأيته مع زوجته , فإذا الحجاب الحجاب العظيم , فقلت له : وا عجباً لك , أنت تكتب الآن , في نقد الحجاب , وقضية التحرير , وقضية إعطاء المرأة الحرية الكاملة , وإخراج المرأة واختلاط المرأة , ووزجتك على هذه , قال ماذا نفعل , هذا هو التيار , هذا هو التيار , يعني هذا هو المقبول إذاً عندهم .

قالوا ارفعي عنك الحجاب

أما كفاك به حجابا

واستقبلي عهد السفور

اليوم واطرحي النقاب

عهد الحجاب لقد تبا

عد يومه عنا وغاب

فأجبتهم والضحك ملؤ فمي

ولم أعدم جوابا

مهلاً فما هذا الذي

قدر غركي  إلا سرابا

كم نظرة للوجه تورث

في الحشا جمراً مذابا

إذ ترغبوا لناسئكم صوناً

وعيشاً مستطابا

فدعوا السفور لأهله

وأرخوا عليهن النقاب

قبل عشرات السنين , قبل أكثر من خمسين سنة , في إحدى البلدان الإسلامية , أراد المسؤول عن الجامعة أن يحدث فيها الإختلاط , وأن يعلن ذلك في حفل عام , ودعي إليه الناس والكتاب , والصحفيون وغيرهم , وجاء أحد مشايخ البلد الأفاضل من القضاة الأدباء , رحمه الله , وحضر الحفل وطلب أن يلقي كلمة , فرفضوا , لأنهم يتوقين ماذا سيقول , فأصر وألح , حتى رضخوا له في النهاية , فخرج في هذا الحفل , ووجه خطابه إلى هذا الذي كان يريد إعلان الإختلاط في تلك الليلة , ليبدأ سريانه من الغد , وجعل يذكر بقول الله سبحانه وتعالى في الآيات التي تنهى المرأة عن السفور وتأمرها بالحجاب : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ)(النور: من الآية31) ، ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ)(الأحزاب: من الآية32) ، (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ )(النور: من الآية31) ، (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ )(النور: من الآية31) ، ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ )(الأحزاب: من الآية53) ، بعد ذلك وجه إليهن خطاباً خاصاً , فقال له : ولقد علمت أن عليك مراقبين يراقبان حركاتك وسكناتك , وأنهما سيكتبان فيك تقريراً , فيرفعانه إلى محكمة تصدر فيك حكماً , لا يقبل النقض ولا الاستيناف , فثار وغضب , وقال : من الذي يراقبني ؟ ومن الذي يكتب عني تقريراُ ؟ ومن الذي سيصدر فيَّ إلى المحكمة ؟ أنا فلان , وأنا عندي كذا من القوة , وعندي كذا , قال : اسمع (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (قّ:18) , (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ـ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ـ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) (قّ:16 ، 17 ، 18) , فبهت , وأسكت القوم , وفشلة المآمرة في تلك الحفلة , وتفرقوا .

    نعم , لقد حصل بعد ذلك هذا المنكر وقام , ولكن الشاهد , أنه كان من قام لله سبحانه وتعالى يقاوم وينافح , عن الدين , ويطالب ويرفض , هذا المنكر , وهكذا قام الخطباء والعلماء , والدعاة , باستنكار ما وقع في هذا المؤتمر الإقتصادي قريباً , دليلاً على وجود الغيرة والحميَّة , والإخلاص للدين , والسعي لتطبيع شريعة رب العالمين ,

    أيها الإخوة : إن هذه الأمور , العظيمة , التي يريد اليوم الغربيون , جرنا إليها , وتحرير المرأة في زعمهم , والتركيز على قضية المرأة , ما لهم ولنسائنا , نحن نعرف كيف نتصرف ونتعامل , وعندنا قواعد في الشريعة , تحكم علاقة الرجال بالنساء , أفهم أعلم بمصالح نسائنا منا ؟ أو هم أغير على نسائنا منا , ولذلك فإن التصدي لهؤلاء , من أعظم القربات عند رب العالمين .

   أيها الإخوة : إن هذه الهجمات الشرسة التي تحدث اليوم , سواءً كانت مباشرة على المرأة المسلمة , سواء كان هؤلاء يشنونها صريحةً , أو ملفوفةً , إن التصدي لها من أعظم القربات عند رب العالمين , ولذلك فإنما يحدث اليوم , من إشاعة الإنحلال في بيوت المسلمين , عبر ما يسمى ببرامج " ستار أكدمي " " وستارز " " وبرق بذرز " وغيرها من البرامج التي يريدون فيها , إشاعة ثقافة الإنحلال , وجمع الفتيات مع الشباب , في بيوت فيها كاميرات , يريدون الإنتقال من التمثيليات إلى الحقيقة , كان التمثيل , كان نشر الفساد عن طريق التمثيل , تمثيلية فيها حب وحب وغرام , وواحد مع وحده , يمثل هذا عاشق مع معشوقه وكلام , وربما تنتهي في الزواج في النهاية , ذراً للرماد في العون , الآن يريدون الإنتقال , من التمثيليات المصورة سابقاً , إلى الحقيقة المنقولة حياً ,  الآن التوجه واضح , إلى الأستاذ عن طريق النقل المباشر , للعلاقات بدون تمثيل , والناس كثير منهم , سينجذبون إلى هذا , لأنهم يعرفون أن هذا ليس تمثيلاً , هذه حقيقة , هؤلاء جعلوا لكي يجربوا أنفسهم مع بعض , ويعيشوا مع بعض , ويقيموا العلاقات مع بعض , وهذا ليس تسجيلاً , قد صار سابقاً , ويذاع الآن , لا , هذا حي الآن ينقل من تلك الأكاديمية أكادمية الإنحراف والمجون والفسق والفجور والذعاره من ذلك المخور يبثون إلينا حياً "liveليف" وحقيقي وليس تمثيل , الآن هكذا صارت , ولابد أن يكون في المسلمين , من يقوم ويتصدى لهذه الأشياء , ويتكلم , المسألة تتعلق بأعراضنا , تتعلق بعفة فتياتنا , وشبابنا , وإن مثل هؤلاء الذين يخرجون , في هذه , اللقطات التي تبث لا حرمة لهم , بمعنى , أن غيبتهم جائزة , لأنهم أعلنوا الفسق , والمعلن بالفسق كما نص العلماء عليه , لا حرمة له ولا غيبة , ويشهر به ويطعن فيه على الملأ , ولذلك الشافعي رحمه الله , حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالنعال , وأن يطاف بهم على الدواب في البلد , وأن تسود وجوههم , التشهير , هذه عقوبة تعزيرية , معروفة عند علمائنا , والمجاهر بالفسق , لا غيبة له , ولذلك لو ذكر باسمه ونص عليه , فاضحاً له , بما يعمله , فإن هذا صحيح , ولا ينكر , ولا ينكر , لأن المسألة الآن خرجت عن نطاق الإستخفاء , والإستسرار , إلى النطاق العملي , وقد قال النبي ـ e ـ [كل أمتي معافى إلا المجاهرين] .

    أيها الإخوة : من أدلة وجود الحياة في الأمة , روح الحياة , ومقاومة هذه الأشياء , ما حدث في فرنسا مثلاً , في أزمة الحجاب , عندما أرادوا منع المسلمات من الحجاب , في المعاهد والكليات والمدارس والمنشآت التعليمية  إلخ , لقد عمت العالم الإسلامي , مشاعر الغضب والاستياء , من هذه القضية , وقام أهل العلم وتكلموا , والدعاة , ومواقع الإنترنت , وعملت للمسلمين مناسبات والإجتماعات كثيرة , وحصل الإنكار حتى على الذين ينتسبون إلى الإسلام , ممن أقر ذلك , وصارت عاطفة حتى بعض السافرات , مع المرأة المسلمة في فرنسا , ما معنى ذلك . ولما أراد أيضاً بعضهم , أن يجروا إلينا ويلات , مما يكون فيه مفاسد , من جهة سفور المرأة , وخروج المرأة , ونزع الحياء عنها , وجعلها تذهب طليقةً متمردةً على أهلها , لتكون سبباً في الفتنة , حتى وفي الزحام , قام في العلماء من يبين ذلك , وفي الدعاة وفي الناس وفي عموم الناس , والحمد لله القضية ليست مقتصرة على العلماء فقط , لقد تكلم عموم الناس في هذا الأمر , والحمد لله , وكان في خطاباتهم , ورسائل جوالاتهم  , واتصالاتهم , حتى الإعلان بالإنكار , على القنوات وغيرها , وهذه من أعظم أبواب الأجر , والإحتساب في الإسلام , أن يقوم اليوم المتمكنون , بالإنكار والإتصال في القنوات , على هؤلاء الذين يروِّجون الفساد , للإنكار عليهم , وإن الوسائل والحمد لله , كثيرة , فنسأل الله ... أن ينصر دينه , وأن يعلي كلمته , ونسأله عز وجل , أن يجعلنا ممن نصر بهم الدين , ونسأله سبحانه , أن يعلي هذه الشريعة في العالمين , وأن يجعلنا من السمتمسكين بسنة محمدٍ النبي الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين , سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .

 

 

http://www.islamicaudiovideo.com/